أم قرفة (فاطمة بنت ربيعة بن بدر العجوز) بن عزيزة بني فزارة ، فقد ذكر أصحاب السير في أنباء سنة ست من الهجرة قصد زيد بن حارثة إلى الشام في تجارة في رجب ، وتعرض بني فزارة له في طريقه حتى جردوه من أمواله وجرحوه جرحًا بليغًا ، ولما التأم جرحه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوهم فأذن له حتى غزاهم في شهر رمضان وانتصر عليهم في سرية ، قيل إنهم قتلوا أم قرفة وبنيها الثلاثين الفرسان الذين كانت أمهم جهزتهم ، وكانت تحضهم على اغتيال محمد عليه الصلاة والسلام ، وكانت العرب تضرب المثل بعزتها على بني فزارة .
لكن اختلف أهل السير فيمن قتلها مباشرة ، والمشهور عندهم أنه قيس ابن مالك بن المحسر وإن لم يثبت قتلها في تلك الغزوة عند أهل الحديث.وفي ((عيون الأثر)) لابن سيد الناس (2/108) بعنوان ((وعن ابن إسحاق من طريق يونس بن بكير قال : حدثني عبد الله بن أبي بكر )) . ذكر قيس بن (مالك) بن المحسر لأم قرفة وقتله إياها بأمر زيد بن حارثة قتلا عنيفًا بربط رجليها ببعيرين حتى شقاها ، لكن ليس في رواية ابن هشام ذكر للبعيرين .
وفي هذه الأقصوصة وقفات من جهة أن الرواي عن ابن إسحاق هو يونس بن بكير ، وعنه يقول أبو داود : ليس بحجة عندي كان يأخذ كلام ابن إسحاق فيوصله بالحديث ، وقد ضعفه العجلي والنسائي ، وأخرج له البخاري ومسلم لكن في الشواهد لا في الأصول ، فانفراد مثله يكون موضع ريبة ، بل لا يصعب على مثله ذكر (حدثني) بدل (عن) فيجعل المنقطع موصولاً .. بل وقع في تاريخ ابن جرير عنعنة ابن إسحاق لهذا الخبر عن ابن أبي بكر ، فتعين الرد لكونه مدلسا ، وشيخ ابن جرير : ابن حميد ، وشيخه : سلمة بن الفضل الراوي عن ابن إسحاق لا يحتج بهما عند كثيرين ؛ وقد أخرج ابن جرير حديث سلمة بن الأكوع الموصول عن الحسن بن يحيى -يعني العبدي- نا أبو عامر- يعني العقدى- ثنا عكرمة ابن عمار عن إياس بن سلم عن ابن الأكوع ن فيكون عليه التعويل للاتصال وثقة رجاله وعدم معارضة ما هو أقوى منه .
ثم إن عبد الله بن أبي بكر توفي سنة 135 هـ عن 70 سنة ، فإسناده لنبأ مفروض وقوعه سنة ست في حاجة إلى روايين ثقتين على الأقل فوقه ، فأين يكون التعويل على مثل هذه الرواية المقطوعة المخالفة لرواية مسلم وأحمد وأبي داود ، وليس فيها ذكر لمثل ذلك القتل الفظيع على اتصال أسانيدهم وثقة رجالهم ، بل فيها مجرد ذكر أن تلك السرية كانت تحت إمرة أبي بكر -رضي الله عنه- ، وأنه نفل بنت أم قرفة لسلمة بن الأكوع واستوهبها منه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فبعثها إلى قريش استخلاصًا للأسرى من المسلمين عندهم بدلها -وكانت عزيزة على المشركين- فيضرب بتلك الرواية رواية ابن اسحاق عرض الحائط كما فعل ابن كثير في (البداية والنهاية) اعتمادًا على الرواية الصحيحة لأحمد ومسلم وأبي داود فقط .
على أن الواقدي يذكر أن قتلها كان في بزاخة ولم يذكر أحد بسند يعتمد عليه قتلها في تلك الغزوة ، وزد على ذلك أن ابن حجر قال في (الإصابة) : وذكر ابن الكلبي أن قيسًا هو الذي باشر قتلها ، قال : وقتلها قتلاً شنيعًا ، فيكون مصدر التشنيع هو ابن الكلبي المعروف .
ثم إنه على تقدير تهور قيس وقتله إياها هذه القتلة يكون ذلك منه لا من أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ولا من حضرة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ، لو فرض ثبوت هذا القتل الفظيع .. مع ان دعائم الثبوت لم تتحقق في الرواية كما أوضحناه ، كيف والرسول -عليه السلام- قد نهى عن المثلة نهيًا باتًا في كثير من الأحاديث المخرجة في الصحاح والسنن ، فلا يتصور أن يرضى بفعل ما نهى عنه بل كان ينهى نهيًا باتًا عن قتل النساء في الحروب وكانت أم قرفة مشركة أصلية فلا يباح قتلها في شريعة محمد -عليه السلام- إلا إذا كانت محاربة - فلا يتصور أن يقره ، ولم تكن مرتدة بعد الإسلام حتى يتصور الاختلاف في النهي عن قتلها .
وبهذا يظهر مبلغ التخبط في رواية ابن شاهين كما يتبين سقوط محاولة البرنس كيتانو في (حولياته) استغلال الأقصوصة المروي وقوعها سنة ست في النيل من تاريخ العهد النبوي ، ولعل هذا القدر من الاستطراد كفاية والله ولي الهداية .
هذا ما كتبته إلى ذلك الأستاذ البحاثة قبل مدة . والآن سنح لي نشر السؤال والجواب بنصهما لما في ذلك من إزلة شبه ، والله سبحانه ولي النف
نقلا عن منتدى الاصليين
http://www.aslein.net/showthread.php?t=5842
لكن اختلف أهل السير فيمن قتلها مباشرة ، والمشهور عندهم أنه قيس ابن مالك بن المحسر وإن لم يثبت قتلها في تلك الغزوة عند أهل الحديث.وفي ((عيون الأثر)) لابن سيد الناس (2/108) بعنوان ((وعن ابن إسحاق من طريق يونس بن بكير قال : حدثني عبد الله بن أبي بكر )) . ذكر قيس بن (مالك) بن المحسر لأم قرفة وقتله إياها بأمر زيد بن حارثة قتلا عنيفًا بربط رجليها ببعيرين حتى شقاها ، لكن ليس في رواية ابن هشام ذكر للبعيرين .
وفي هذه الأقصوصة وقفات من جهة أن الرواي عن ابن إسحاق هو يونس بن بكير ، وعنه يقول أبو داود : ليس بحجة عندي كان يأخذ كلام ابن إسحاق فيوصله بالحديث ، وقد ضعفه العجلي والنسائي ، وأخرج له البخاري ومسلم لكن في الشواهد لا في الأصول ، فانفراد مثله يكون موضع ريبة ، بل لا يصعب على مثله ذكر (حدثني) بدل (عن) فيجعل المنقطع موصولاً .. بل وقع في تاريخ ابن جرير عنعنة ابن إسحاق لهذا الخبر عن ابن أبي بكر ، فتعين الرد لكونه مدلسا ، وشيخ ابن جرير : ابن حميد ، وشيخه : سلمة بن الفضل الراوي عن ابن إسحاق لا يحتج بهما عند كثيرين ؛ وقد أخرج ابن جرير حديث سلمة بن الأكوع الموصول عن الحسن بن يحيى -يعني العبدي- نا أبو عامر- يعني العقدى- ثنا عكرمة ابن عمار عن إياس بن سلم عن ابن الأكوع ن فيكون عليه التعويل للاتصال وثقة رجاله وعدم معارضة ما هو أقوى منه .
ثم إن عبد الله بن أبي بكر توفي سنة 135 هـ عن 70 سنة ، فإسناده لنبأ مفروض وقوعه سنة ست في حاجة إلى روايين ثقتين على الأقل فوقه ، فأين يكون التعويل على مثل هذه الرواية المقطوعة المخالفة لرواية مسلم وأحمد وأبي داود ، وليس فيها ذكر لمثل ذلك القتل الفظيع على اتصال أسانيدهم وثقة رجالهم ، بل فيها مجرد ذكر أن تلك السرية كانت تحت إمرة أبي بكر -رضي الله عنه- ، وأنه نفل بنت أم قرفة لسلمة بن الأكوع واستوهبها منه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فبعثها إلى قريش استخلاصًا للأسرى من المسلمين عندهم بدلها -وكانت عزيزة على المشركين- فيضرب بتلك الرواية رواية ابن اسحاق عرض الحائط كما فعل ابن كثير في (البداية والنهاية) اعتمادًا على الرواية الصحيحة لأحمد ومسلم وأبي داود فقط .
على أن الواقدي يذكر أن قتلها كان في بزاخة ولم يذكر أحد بسند يعتمد عليه قتلها في تلك الغزوة ، وزد على ذلك أن ابن حجر قال في (الإصابة) : وذكر ابن الكلبي أن قيسًا هو الذي باشر قتلها ، قال : وقتلها قتلاً شنيعًا ، فيكون مصدر التشنيع هو ابن الكلبي المعروف .
ثم إنه على تقدير تهور قيس وقتله إياها هذه القتلة يكون ذلك منه لا من أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ولا من حضرة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ، لو فرض ثبوت هذا القتل الفظيع .. مع ان دعائم الثبوت لم تتحقق في الرواية كما أوضحناه ، كيف والرسول -عليه السلام- قد نهى عن المثلة نهيًا باتًا في كثير من الأحاديث المخرجة في الصحاح والسنن ، فلا يتصور أن يرضى بفعل ما نهى عنه بل كان ينهى نهيًا باتًا عن قتل النساء في الحروب وكانت أم قرفة مشركة أصلية فلا يباح قتلها في شريعة محمد -عليه السلام- إلا إذا كانت محاربة - فلا يتصور أن يقره ، ولم تكن مرتدة بعد الإسلام حتى يتصور الاختلاف في النهي عن قتلها .
وبهذا يظهر مبلغ التخبط في رواية ابن شاهين كما يتبين سقوط محاولة البرنس كيتانو في (حولياته) استغلال الأقصوصة المروي وقوعها سنة ست في النيل من تاريخ العهد النبوي ، ولعل هذا القدر من الاستطراد كفاية والله ولي الهداية .
هذا ما كتبته إلى ذلك الأستاذ البحاثة قبل مدة . والآن سنح لي نشر السؤال والجواب بنصهما لما في ذلك من إزلة شبه ، والله سبحانه ولي النف
نقلا عن منتدى الاصليين
http://www.aslein.net/showthread.php?t=5842