نقد كتاب نخب الذخائر في أحوال الجواهر
الكتاب من تأليف محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري المعروف بابن الأكفانى وموضوعه كما قال هو :
" فهذا كتابٌ لخصت فيه خلاصة كلام الأقدمين والمتأخرين من الحكماء المعتبرين في ذكر الجواهر النفيسة بأصنافها وصفاتها"
ويبدو ان الكتاب ككثير من كتب التراث ألفته لجان الضلال ووضعت فيه الخرافات والضلالات وحتى وضعت فيه قول يقول أن اسم الكتاب اسم أخر غير نخب الذخائر في أحوال الجواهر وهو :
" ومعادنها المعروفة: وقيمتها المشهورة المألوفة، وخواصها ونافعها بأوضح لفظ، وأصح معنى ووسمته " بنخب فيه القشر عن اللباب "
والكتاب كمعظم كتب المعادن فى تراثنا وحتى فى تراث الإغريق والهند وغيرهم يتناول أمورا لا علاقة لها بعلم المعادن كالحسد وإكساب المهابة والقضاء على الطاعون وغالبا لا تتحدث عن خواص المعادن إلا نادرا وإنما تتحدث عن أماكن تواجدها وأغلى الأجزاء وأسماء المشهورة منها وعن اسماء ملاكها
وقد استهل الرجل الكلام بمعدن الياقوت فقال :
"القول على الياقوت:
أصنافه أربعةٌ: ( الأحمر) وهو أعلاها رتبة، وأغلاها قيمةً و (الأصفر)،و (الأزرق)،و(الأبيض) وللأحمر سبع مراتب: أعلاها الرمّاني، ثم البهرماني ثم الأرجواني، ثم اللّحميّ، ثم البنفسجي، ثم الجلناريّ، ثم الوردي (فالرماني) هو الشبيه بحب الرمان الغضّ، الخالص الحمرة، الشديد الصبغ، الكثير الماء، ويؤخذ لونه بأن يقطر على صفيحة فضة مجلاة قطرة دم قرمز، أعني من عرق ضارب فلون تلك القطرة على تلك الصفيحة هو(الرماني)الجوهريين،(والبهرماني) يشبه بلون البهرماني،وهو الصبغ الخالص، الحاصل عن العصفر دون زردج ومن الجوهريين من يفضل البهرماني الرمانيّ، والتفضيل إنما هو بشدة الصّبغ وكثرة المائية، والشعاع ومنهم من يقول: هما شيءُ واحد وإنما أهل العراق يقولون: بهرمانيّ، وأهل خراسان يقولون: رمانيّ فالخلاف لفظيٌ
(والأرجواني) أيضاً شديد الحمرة وقيل: كان الأرجوانيّ لباس قياصرة الرّوم وكان محظوراً عن السوقة إلى زمن الإسكندر، فإنه اقتضى رأيه أن لا يختص الملك بلباسٍ يعرف به، فيقصد ومنهم من يسمي الأرجوانيّ: (الجمريّ)، بالجيم، تشبيهاً له بالجمر المتقد وصحفه بعضهم (بالخمري) وكأنّ الخمريّ هو البنفسجيّ وأما (اللحمي) فهو دون الأرجوانيّ في الحمرة، يشبه ماء اللحم الطريّ الذي لم يشبه ملحُ
و(البنفسجي) يشوبه كهبةٌ تخرجه عن خالص الحمرة وهو لون البنفسج المعروف بالماذنبيّ وأما ( الجلناريّ) فتشوبه بعض صفرةٍ و(الوردي) يشوبه بياض، وهو أنزل طبقات الأحمر وأجود هذه الألوان كلها: ما توفر صبغه، وماؤه، وشعاعه، وخلا عن (النمش)، وعن (الخرمليات) وهي حجارة تختلط به، وعن (الرتم)، وهو وسخ فيه شبه الطين،وعن (التفث) وهو كالصدع في الزجاجة، إذا صدمت يمنع نفود الضياء والإشفاف وهذا قد يكون أصلياً، وقد يكون عارضاً ومن عيوبه أيضاً اختلاف الصبغ، فيشبه البلقة، ومنها غمامةٌ بيضاء صدفيةٌ، تتصل ببعض سطوحه، فإن لم تكن غائرةً، ذهبت بالحكّ، وإذا خالط الحمرة لون غيرها، يزول بالحمي بالنار بتدريج، وتبقى الحمرة خالصةً، ولا يثبت على النار غيرها، ومتى زالت الحمرة بالحمي، فليس بياقوت
ومعدن الياقوت بجبلٍ يسمى (الراهون) في جزيرة سرنديب وفي سيلان ومكران، ومعدن الياقوت الأصفر، والأزرق، وتحت جبلها (البرق) معدن الياقوت الأحمر والياقوت، أصلب الجواهر، ولا يخدشه منها إلاّ الماس ولا ينجلي بخشب العشر الرطب، وإنما يسوى بالسنباذج، ويجلى على صفيحة نحاس بالجزع المكاس والماء،وهو أشدّ الجواهر صقالاً وأكثرها ماءً، وشعاعه في الليل في ضوءٍ الشمع أحمر وشعاع البلخش ونحوه أبيض
وذكر القدماء أنّ قيمة المثقال الفائق من الياقوت الأحمر ثلاثة آلاف دينار وأما في الدولة العباسيّة، فإنّ الغالب من قيمته، أنّ الجيد منه، إذا كان وزن طسوجٍ، يساوي خمسة دنانير، وضعفه عشرين ديناراً، وسدس مثقال ثلثون ديناراً، وثلث مثقال مائةً وعشرين ديناراً، ونصف مثقال، أربعمائة دينارٍ والمثقال بألف دينارٍ، والمثقال ونصف بألفي دينارٍ، هذا ما تقرر في أيام المأمون مع كثرة الجوهر في ذلك الزمان
والمقال من (البهرمانيّ) بثمانمائة دينار ومن (الأرجواني) بخمس مائة دينارٍ ومن (الجلناريّ) بمائتي دينارٍ ومن (اللّحمي) بمائة دينار
و (البنفسجي) يقاربه و (الوردي) دون ذلك وكان في خزانة الأمير (يمين الدولة) ياقوتة شكلها شكل حبة العنب، وزنها اثنا عشر مثقالاً، قومت بعشرين ألف دينار وكان للمقتدر فصّ يسمى (ورقة الآس) لأنه كان على شكلها وزنه مثقالان، إلا شعيرتين اشتراه بستين ألف درهم
وأما في هذا الزمان، فإنّ قيمة الياقوت وسائر الجواهر، زادت كثيراً، وأما الياقوت الأصفر فأعلاه ما قارب (الجلناريّ) وبعده (المشمشيّ)، وبعده (الأترجيّ) وبعده (التبنيّ) وبلغت قيمة الأصفر الجيد، المثقال مائة دينارٍ وأما (الأزرق) ويسمى (الأكهب) فأعلاه (الكحليّ) ثمّ (النيليّ)، ثمّ (اللازورديّ) ثمّ (السمائيّ) وكان في القديم قيمة الجيد من (الأزرق) عشرة دنانير، المثقال، وما زاد فتزداد قيمته بأضعاف ذلك
وأما الأبيض فإنه يحمل من (سرنديب) ويكون رزيناً بارداً في الفم، وأجوده (البلوريّ) الكثير الماء، وهو أقل قيمةً من سائرها
قال أرسطو طاليس: إنّ مزاج سائر اليواقيت حارٌ يابسٌ، وإذا علق شيءٌ من أي أصنافه كان، على إنسانٍ، أكسبه مهابةً في أعين الناس، وسهل عليه قضاء حوائجه ودفع عنه شرّ الطاعون
وقال ابن سينا: إنّ خاصيته في التفريج، وتقوية القلب ومقاومة السموم، عظيمة
وشهد جمع من القدماء أنه إذا أمسك في الفم، فرح القلب
غفران: وقال الغافقيَ وغيره: إنَه ينفع نفث الدَم، ويمنع جموده تعليقاً
وقال ابن زهرٍ: إن شرب سحيقه ينفع الجذام، وإن التختم به، يدفع حدوث الصرع
وقال ابن وحشيَة: من علق عليه الياقوت الأبيض، اتسع رزقه، وحسن تصرفه في المعاش وفي زماننا هذا، حجر نفيس يعرف " بعين الهرَ " لشبهه إيَاها كأنَ فيه زئبقاًَ يتحرك، يتغالى فيه الملوك والأمراء
ويقال إنَه من أصناف اليواقيت، ويظهر من معادنها وقيمته، إذا كان فائقاً، وزنته نحواً من نصف مثقال - ألف درهم فما فوقها، ويقال وقايةٌ لعين المجدور "
نلاحظ فى كلام الكاتب على الياقوت أنه قسمه حسب ألوانه لأربع أحمر وأصفر وأبيض وأرزق وتكلم هن ثلاث وأما الرابع وهو الأزرق فلم يتناوله على الإطلاق بأى كلام
وتناول الكاتب مسألة اختلاف أسعار الشىء من هصر لهصر أخر فقال مثلا "وذكر القدماء أنّ قيمة المثقال الفائق من الياقوت الأحمر ثلاثة آلاف دينار وأما في الدولة العباسيّة، فإنّ الغالب من قيمته، أنّ الجيد منه، إذا كان وزن طسوجٍ، يساوي خمسة دنانير، وضعفه عشرين ديناراً، وسدس مثقال ثلثون ديناراً، وثلث مثقال مائةً وعشرين ديناراً، ونصف مثقال، أربعمائة دينارٍ والمثقال بألف دينارٍ، والمثقال ونصف بألفي دينارٍ" والسبب فى رأيه رخص السعر هو كثرة المعروض من الشىء وفى هذا قال " هذا ما تقرر في أيام المأمون مع كثرة الجوهر في ذلك الزمان"
ثم ذكر الخرافات التالية ناسبا إياها للعلماء فقال :
"قال أرسطو طاليس: إنّ مزاج سائر اليواقيت حارٌ يابسٌ، وإذا علق شيءٌ من أي أصنافه كان، على إنسانٍ، أكسبه مهابةً في أعين الناس، وسهل عليه قضاء حوائجه ودفع عنه شرّ الطاعون
وقال ابن سينا: إنّ خاصيته في التفريج، وتقوية القلب ومقاومة السموم، عظيمة
وشهد جمع من القدماء أنه إذا أمسك في الفم، فرح القلب
وقال الغافقيَ وغيره: إنَه ينفع نفث الدَم، ويمنع جموده تعليقاً
وقال ابن زهرٍ: إن شرب سحيقه ينفع الجذام، وإن التختم به، يدفع حدوث الصرع
وقال ابن وحشيَة: من علق عليه الياقوت الأبيض، اتسع رزقه، وحسن تصرفه في المعاش وفي زماننا هذا، حجر نفيس يعرف " بعين الهرَ " ...ويقال وقايةٌ لعين المجدور "
الخرافات هى يكسب لابسه مهابة يحمى من الطاعون يفرح القلوب يداوى الجذام ويحمى من الصرع يوسع الرزق
الغريب أنه حتى عصرنا المسمى بعصر التقدم العلمى زورا لا يوجد علاج شافى تماما للصرع ولا للجذام ولا للطاعون وهذا الكلام هو دعوة للاعتقاد فى قدرة الأحجار على الشفاء بدلا من الذهاب للأطباء كما فى القول المأثور :
"تداووا عباد الله فإن الله جعل لكل داء دواء"
وأما كثرة الرزق قهى تتعلق بقدرة الله تعالى وليس بوجود حجر مع الإنسان كما قال تعالى :
"الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر"
ثم تحدث عن البلخش وهو يسمى حاليا الإسبينل فقال :
"القول على البلخش:
ويسمى " اللَعل " بالفارسية، وهو جوهر أحمر شفاف مسفرٌ صافٍ يضاهي فائق الياقوت في اللون والرونق، ويتخلَف عنه في الصلابة حتَى إنَه يحتكَ بالمصادمات، فيحتاج إلى الجلاء بالمرقشيثا الذهبيَة وهو أفضل ما جلي به هذا الجوهر ومنه ما يشبه الياقوت البهرمانّي ويعرف " بالبازكيّ " ، وهو أعلاها وأغلاها وكان يباع في أيّام بني بويه بقيمة الياقوت، حتّى عرفوه، فنزل عن تلك القيمة، وقرّر أن يباع بالدرهم دون المثقال، تفرقةً بينه وبين الياقوت ومنه ما يميل إلى البياض
ومنه ما يميل إلى البنفسجيّة، وهما دون الأوّل ومعدنه بالمشرق، على مسيرة ثلثة أيّامٍ من بذخشان، وهي له كالباب ومنه ما يوجد في غلفٍ شفّافةٍ ومنه ما يوجد بغير غلافٍ وكانت قيمته في القديم عن كلّ درهمٍ عشرين ديناراً، وربّما زاد عن ذلك وليس لهذا الجوهر منفعة كالياقوت، بل يشتري لحسنه "
البلخش عند الكاتب ليس له منفعة وهو يشابه الياقوت إلى حد ان الكثيرين لم يكونوا يفرقون بينهما
ثم تكلم الرجل عن البجادى ويسمى حاليا الجارنت فقال:
"القول على البجاديّ:
ويعرف " بالبنفش " هو حجرٌ يشبه الياقوت بعض الشبه إلا أنّه لا يضيء غالباً، حتى يقعر من تحته بالحفر، ليشف عن البطائن وشبه أرسطو طاليس لونه بنارٍ يشوبها دخانٌ ومنه ما يجلب من سرنديب، وهو أرفع طبقاته، ويعرف بالماذنبيّ ومنه ما يجلب من بذخشان، ومنه ما يجلب من بلاد إفرنجة ومنه صنفٌ يشوبه صفرةٌ خلوقيّةٌ، ويعرف " بالاسبادشت " ويوجد في " الخراساني " منه ما يكون وزنه نصف منٍ أمّا " السرنديبي " فإنه لا يتجاوز مقدار الياقوت بكثير وزنٍ وقيل: منه إن الجيد يلتقط زغب الرّيش المنتوف ويبلغ قيمة الدرهم منه ديناراً واحداً
وقال أرسطو طاليس: إن من تختّم بوزن عشرين شعيرةً منه، لم ير في منامه أحلاماً رديّةً ومن أدمن النّظر إليه نقص نور عينيه وقال ابن أبي الأشعث: لبسه يورث الخيلاء ويحرّك الشبق وأمّا " الإشبادشت " فإنّه يقطع الرّعاف، ونزف الدّم تعليقاً، إذا كان وزنه نصف مثقالٍ فما فوقه"
ونلاحظ العودة للخرافات وهو أن الحجر يمنع الأحلام السيئة يورث الخيلاء ويحرّك الشبق يقطع الرّعاف وهو تخريف ليس له علاقة بعلم الطب فالأدوية ليس أحجارا ولو أخذ الدواء من الحجر فغنه يكون فى صورة مسحوق يوضغ على مكان المرض فى صورهم أو لبخة او حتى يحول لدواء شرب أو غير هذا
ثم تحدث الرجل عن الماس فقال:
"القول على الماس:
هو جوهرٌ يشبه الياقوت في الرزانة، والصّلابة، وعدم الانفعال من الحديد، وقهره لغيره من الأحجار وهو شفّافٌ فيه أدنى بريقٍ ويوجد فيه الأبيض، والزيتيّ، والأصفر، والأحمر، والأخضر، والأزرق، والأسود، والفضي، والحديديّ وأشكال الماس كلّها مضرّسة، مخروطيّةٌ، ومثلّثات من غير صنعةٍ والهند تفضّل منه الأبيض، والأصفر، بسبب ما يظهر منهما من الشعاع الأحمر، الشّبيه بقوس قزح، إذا أقيما في مقابلة عين الشمس وأما أهل العراق وخراسان، فلا يفرّقون بين ألوانه، لأنّهم إنّما يستعملونه في ثقب الجواهر خاصةً ومعدنه بقرب معدن الياقوت وله معدنٌ بقرب غزنة، ومعدنٌ بمقدونية، من بلاد الروم ولونه كلون النوشادر، ومعدنٌ باليمن وهو حديديّ الّلون، ومعدنّ بقبرس، وهو فضيّ اللّون، رخوٌ ومن غريب حال الماس أنه إذا طرق بمطرقةٍ على سندانٍ، نكأ فيهما، ولا ينكسر وإذا لف في صفيحة أسربٍ، وضرب، انكسر وغالب ما يوجد منه قطعاً صغيرةً، بقدر الفلفل ونحوه وكانت قيمة هذه قديماً المثقال بمائتي دينار؛ وما كان بقدر البندقة، أو قاربه، يكون قيمته من ثلثمائة دينارٍ، إلى خمس مائة دينارٍ وحكى نصرٌ الجوهريّ: أنّ معزّ الدّولة بن بويه الديلميّ أهدى إلى أخيه، ركن الدولة، من الماس فصّا، وزنه ثلثة مثاقيل، ولم يسمع بأعظم منه وأخبرني السيّد الشريف ناصر الدّين الزّمرّديّ: أنّه رأى عند السلطان قطب الدّين، ملك الهند، من الماس الجيّد، الجليل القدر، شيئاً كثيراً جدّاً، ولعلّهم لا يسمحون بخروج جيّده من أرضهم، لأنهم يتيمنون به قال أرسطو طاليس: الماس باردٌ يابسٌ في الرّابعة، يثقب به الياقوت وسائر الأحجار الصلبة، ومتى كان في مجرى البول حصاةٌ، فتلصق حبة ٌمن هذا الحجر في حديدةٍ كالقاثاطير، ثم يدخل قي القضيب لتماس الحصاة، فتفتّتها ولا ينبغي أن يدخل الفم، فإنّه يكسر الأسنان، وإن ابتلع منه شيء، ربما قتل"
العريب هنا بعد ذكر المعلومات العلمية ذكر أن حصاوى الجسم كالحصاوى فى الحالب يمكن استخراجها بحبة من الماس تدخل فى خرم القضيب حتى تفتت الحصوة مع أن يقول فى نفس الفقرة أنها لو دخل جسم الإنسان يقتله
ثم تحدث الرجل عن الدر واللؤلؤ فقال:
"القول على الدرّ واللؤلؤ:
الحيوان الّذي يتولّد فيه اللؤلؤ، هو بعض الأصداف؛ وهو دقيق القوائم، لزجٌ، ينفتح بإرادة منه، وينضمّ كذلك ويمشي أسراباً، ويزدحم على المرعى واختلفوا في تولّده في هذا الصّدف، فمنهم من قال إنّه يتكوّن فيه، كما يتكوّن البيض في الحيوان البيّاض ذكر ذلك جمعٌ من المحقّقين
وقيل: بل يطلع إلى سطح البحر في شهر نيسان، وينفتح الصدف، ويتلقى المطر، فينعقد حبّا ذكره نصرٌ الجوهريّ، وكثيرٌ من الناس وأقول عند التّدقيق: لا تضادّ بين القولين، لجواز أن يكون تكوّن اللّؤلؤ في صدفه كتكوّن البيض، ويكون قطر نيسان له بمثابة النّطفة وقال الكنديّ: إنّ موضع اللّؤلؤ من هذا الحيوان، داخل الصدّف، وما كان منه يلي الفم، والأذن، فهو الجيّد منه وقالوا: إنّ الحبّ الكبير، إنّما يتكّون في حلقومه، ويزداد بالتفاف القشور عليه والدّليل على ذلك أنّه يوجد طبقاتٌ، والدّاخلة منها شبيهةٌ بالخارجة، وكلّها تشابه باطن الصّدف
وله مغاصاتٌ مشهورةٌ في البحر الأخضر ويوجد في مجازات تلك المغاوص، وبين تلك السّواحل ومن المغاصات المشهورة " مغاص أوال " بالبحرين و " مغاص دهلك " و " السّرّين " و " مغاص الشّرجة " باليمن، و " مغاص القلزم " بجوار جبل الطوّر، و " مغاص غبّ سرنديب " و " مغاص سفالة الزّنج " ، و " مغاص أسقطري "
وقد يتفق في بعض المغاصات مانعٌ من الغوص كالحيوانات المؤذية الّتي في مغاص القلزم: ولهذا يدهن الغوّاصون عند الغوص أبدانهم بالميعة السّائلة، لأنّ الهواّ البحريّة لا تقربها ويختلف اللّؤلؤ باختلاف المغاصات، من جهة تربة المكان، وغذاء الحيوان، كما تغلب الرصاصيّة على اللآلىء القلزميّة، والدهلكيّة والوقت الذّي يغاص فيه، هو من أوّل نيسان الرّوميّ إلى آخر شهر أيلول وفي ما عدا هذه المدّة، يسافر هذا الحيوان من السّواحل ويلجّج ويختلف اللّؤلؤ بالمقدار، فنه الكبار والصّغار، وما بين ذلك وأعظم ما وجد منه " اليتيمة " الّتي كانت عند عبد الملك بن مروان ذكر أنّها كان وزنها ثلاثة مثاقيل وكانت مع ذلك حائزةً لجميع صفات الحسن، مدحرجةً ونقيّةً، رطبةً رائعة، ولذلك سميت اليتيمة ولم يذكر عنها قيمة لكن ذكر الأخوان الرّازيّان أنّهما شاهدا في خزانة الأمير " يمين الدولة " حبّةً ذات قاعدةٍ، وزنها مثقالان وثلثٌ، وأنّها قوّمت بثلاثين ألف دينارٍ ويختلف اللّؤلؤ أيضاً من شكله: فمنه " المدحرج " ، ويعرف " بالعيون " ، وإذا كثرت استدارته، وماؤه، سمّي " نجماً " ومنه " المستطيل الزّيتونيّ " ومنه " الغلاميّ " ، وهو المستدير القاعدة، المحددّ الرّأس، كأنّه مخروطٌ ومنه " الفلكيّ " المفرطح، ومنه " الفوفليّ " ، و " اللّوزيّ " ، و " الشّعيريّ " ، ومنه " المضرّس " ، وهو أدونها شكلاً ويختلف اللّؤلؤ أيضاً من لونه، فمنه " النّقيّ البياض " ، ومنه " الرّصاصيّ " ، ومنه " العاجيّ " ، وصفرته غالباً في حساب المرض له؛ وإذا زاد، وطال زمانه، اسودّ واللّؤلؤ سريع التّغيير، لأنّه حيوانيٌّ، بخلاف الجواهر المعدنيّة: فإنّ أعمارنا لا تفي بتغيّر أكثرها ويثقب هذا الحبّ، لأنّه يزداد بحسن التأليف في النّظم حسناً، ورونقاً، وقيمةً وإنّما يثقب بالماس، فلذلك لم يستعمل الأطبّاء في الأدوية إلاّ البكر غير المثقوب والقيمة عن الدّرّ في القديم " النّجم " ، إذا كان وزنه مثقالاً، كانت قيمته ألف دينار؛ وإذا كان وزنه ثلثي مثقالٍ، كانت قيمته خمس مائة دينارٍ؛ وإذا كان وزنه نصف مثقالٍ، كانت قيمته مائتي دينارٍ؛ وإذا كان وزنه ثلث مثقالٍ، كانت قيمته خمسين ديناراً؛ وإذا كان وزنه ربع مثقالٍ، كانت قيمته عشرين ديناراً؛ وإذا كان وزنه سدس مثقال، فقيمته خمسة دنانير؛ وثمن مثقال فقيمته ثلثة دنانير، ونصف سدس مثقالٍ، فقيمته دينارٌ واحدٌ " والغلاميّ " بالنّصف من قيمة " النّجم " وما عداهما، بالنّصف من قيمة " الغلاميّ " وأمّا ما زاد على زاد وزن مثقالٍ، فيزاد لكلّ قيراطٍ في الوزن، مائة دينارٍ في الثّمن، إلى أن يبلغ مثقالاً ونصفاً؛ ثم يزاد لكلّ دانقٍ في الوزن خمس مائة دينارٍ في الثّمن، إلى أن يبلغ مثقالين، وما زاد عليه تتضاعف قيمته وأمّا الآن فالقيمة على قياس الجواهر، متضاعفةٌ، لكثرة الرّغبات من ملوك العصر، في اقتناء الجواهر النّفيسة وأمّا صغاره، فبالدّرهم يقوّم وخاصّية الّلّؤلؤ: المنفعة من خفقان القلب، وتوحشّه، وأنّه يجلوا العين، ويزيد في الباه، ويقطع نزف الدّم وشربته درهمٌ والمحلول منه، يذهب البهق، والبرص، والكلف، والنّمش طلاء ويبرىء الصّداع، والشقيقة سعوطاً وصفة حلّه، أن يسحق ويعجن بماء حمّاض الأترجّ، ويعلق في دنٍ فيه خلٌ، بحيث يرتقي إليه بخار الخلّ، فإنه ينحل في ثلاثة أسابيع وهو يابس في الدّرجة الثانية بارد في الأولى وقيل: حارٌ فيها، لطيف جداً
قال نصرٌ الجوهريّ: إذا ذهب ماء اللؤلؤ وكدر فينبغي أن يودع أليةً مشروحةً، وتلف الألية في عجين مختمر، ويجعل في كوزٍ، ويحمى عليه، فإذا خرج دهن بالكافور، وقال (أبو الرّيحان البيرونيّ) إنّ ما كان تغيره من قبل الطّيب فيجعل في قدح مطيّن، فيه صابون ونورةٌ غير مطفأةٍ، جزءان متساويان، ويصب عليه ماءٌ عذبٌ، وحل خمرٍ، ويغلى في نارٍ لينةٍ، ولا تزال ترفع رغوة الصّابون، وترمي بها، إلى أن تنقطع ويصفو الماء في القدح، وبعد ذلك يخرج اللؤلؤ، ويغسل وإن كان التغير في أديمه إلى السواد، فينقع في لبن التين أربعين يوماً، ثمّ ينقل إلى قدحٍ، فيه محلبٌ وكافورٌ، وخروعٌ أجزاءٌ سواءٌ، ويوضع على نار فحمٍ، مقدار ساعتين بدون نفخٍ عليها، ثم تنحّى وإن كان السواد في باطنه، طلي بشمع وجعل في قدحٍ مع حمّاض الأترج، ويبدل عليه كلّ ثلاثة أيام، وتدام خضخضته حتّى يبيض وإن كان في أديمه صفرةٌ، نقع في لبن التيّن أربعين يوماً، ثم نقل إلى قدحٍ فيه قلى، وصابونٌ وبورق بالسوية، ويفعل فيه كما يفعل بالأسود وإن كانت الصفرة في داخله، جعل في محلب، وسمسم، وكافورٍ متساوية الأجزاء، مدقوقةٍ، ثمّ يلف فوقها عجين وتوضع في مغرفةٍ حديدٍ، وتغمر بدهن الأكارع، وتغلى غليتين، ثمّ تخرج
وإن كان أحمر، أغلي في لبن حليبٍ، ثمّ طلي بأشنانٍ فارسيّ، وشبٍ يمانيّ، وكافور أجزاء متساوية، تدق ناعماً، وتعجن بلبن حليبٍ، ويطلى به طلياً ثخيناً، وتودع جوف عجين قد عجن بلبنٍ حليبٍ، ويخبز في التّنور وإن كان رصاصياً، نقع في حمّاض الأترجّ ثلاثة أيّام: ثمّ يغسل بماء البيض، ويحفظ من الرّيح بالقطن وذكر غيرهما في تبيض الفاسد، أن يلقى في خلٍ ثقيفٍ مع حبّتين تنكاراً، وقيراط نوشادراً وحبةٍ بورقاً وثلاث حبّات قلى مسحوقةٍ، ويغلى في مغرفة حديدٍ، ثمّ ترفع المغرفة عن النّار، وتوضع في ماءٍ باردٍ، ويدلك فيه بملحٍ أندرانيّ مسحوقٍ ناعمٍ، ثمّ يغسل بماءٍ عذب، ولا يبعد أن هذا العمل ينزع عنه قشره الأعلى، أو بعضه، والتّجربة خطرٌ"
تحدث الرجل عن عن أسعار بيع اللؤلؤ حسب أوزانه كما تحدث عن الاختلاف فى أصله وعن أماكن وجوده ولكن الخرافات عاد لذكرها فقال :
"وخاصّية الّلّؤلؤ: المنفعة من خفقان القلب، وتوحشّه، وأنّه يجلوا العين، ويزيد في الباه، ويقطع نزف الدّم وشربته درهمٌ والمحلول منه، يذهب البهق، والبرص، والكلف، والنّمش طلاء ويبرىء الصّداع، والشقيقة سعوطاً "
فاللؤلؤ لم يثبت أنه نافع طبيا فلم يصنع أحد منه أدوية وأما وضع حباته بجوار الشىء فإنه اعتقاد النفع فى حجر وهو اعتقاد خاطىء ودعوة لترك الطب
ثم تحدث الرجل عن الزمرد فقال :
"القول في الزّمرد :
الخضرة تعمّ أصنافه كلها، وأفضله ما كان (مشبع الخضرة) ذا رونقٍ وشعاع لا يشوبه سوادٌ، ولا صفرةٌ، ولا نمشٌ، ولا حرملياتٌ، ولا عروقٌ بيضٌ ولا تفوتٌ، وليس يكاد يخلص عنها، ودونه " الرّيحانيّ " الشّبيه بورق السّلق الطّريء وأهل الهند والصّين تفضّل " الرّيحانيّ " منه، وترغب فيه: وأهل المغرب يرغبون لما كان مشبع الخضرة، وإن كان قليل الماء؛ ويزداد رونقاً، إذا دهن بزيت بزر الكتّان، وإذا ترك بدون دهنٍ، يذهب ماؤه ويمتحن بالعقيق المحدّد، فإن خدشه، فهو من أشباه الزّمرّد ومعدنه بسفح جبلٍ في " شندة " من أرض البجاة، بصعيد مصر الأعلى، وأكثر ما يظهر منه خرزٌ مستطيلةٌ ذات خمسة أسطحةٍ، وتسمّى أقصاباً - وثقبه يشينه، بعكس اللؤلؤ وظهر في زماننا هذا، من هذا المعدن، قطعٌ لم يسمع بمثلها في العظم، ما يقارب زنة منٍّ، أو نحو ذلك والمشهور أن الدّهنج يكدّر الزّمرّد، إذا ماسّه، ويذهب رونقه، وهو الآن بدون القيمة التي كانت في القديم بخلاف سائر الجواهر وما ذلك إلاّ لكثرته؛ فإنّ أبا الرّيحان البيرونيّ حكى أنّ زنة نصف مثقالٍ من الجيّد منه يساوي ألف دينارٍ وقيل: إنّ منه صنفاً يعرف " بالذّبابيّ " لأنّه يشبه الذّباب الطاووسيّة اللون التي تكون في المروج الخضر، وإنّ من خاصيّة هذا الصنف، أنّ الافاعي إذا نظرته، تسيل أعينها، وأنا إلى الآن، لم أر هذا الصّنف، ولكنّني امتحنت الرّيحانيّ والسّلقّي في هذا الأمر، فلم يصحّ، ولا تغّيرت أعين الأفاعي بوجهٍ، وخاصيّة الزّمرّد، النفع من السّموم المشروبة، ونهش الأفاعي، ولدغ العقارب يؤخذ من سحيقه تع شعيراتٍ، ويجد شاربه في بدنه وجعاً عظيماً، وانحلالاً في قوّته، ثم يفيق، وقد انتفع ويوقف الجذام في ابتدائه، ويقطع الإسهال المزمن، ونفث الدّم، شرباً وتعليقاً؛ ويقوّي المعدة، وينفع الصّرع تعليقاً؛ وإمساكه في الفم يقوّي الأسنان والمعدة؛ وإن علّق على فخذ المطلوقة، أسرعت الولادة وإدمان النّظر إليه يجلو البصر، ويحدّه وطبعه يابسٌ "
تحدث الرجل عن نظرية أن كثرة الشىء تقل من سعره فقال "وهو الآن بدون القيمة التي كانت في القديم بخلاف سائر الجواهر وما ذلك إلاّ لكثرته"
وتحدث عن أن القول بأن الزمرد يسيل عيون الأفاعى ليس قول سليم لأنه جرب هذا بنفسه ومع هذا عاد لذكر خرافات الحجر فقال مؤكدا على أنها حقائق :
"وخاصيّة الزّمرّد، النفع من السّموم المشروبة، ونهش الأفاعي، ولدغ العقارب يؤخذ من سحيقه تسع شعيراتٍ، ويجد شاربه في بدنه وجعاً عظيماً، وانحلالاً في قوّته، ثم يفيق، وقد انتفع ويوقف الجذام في ابتدائه، ويقطع الإسهال المزمن، ونفث الدّم، شرباً وتعليقاً؛ ويقوّي المعدة، وينفع الصّرع تعليقاً؛ وإمساكه في الفم يقوّي الأسنان والمعدة؛ وإن علّق على فخذ المطلوقة، أسرعت الولادة وإدمان النّظر إليه يجلو البصر، ويحدّه وطبعه يابسٌ"
وهو كلام كله دعوة لترك العمل بعلم الطب والتعلق بأوهام نفع الحجر بتعليقه أو بعمل مسحوق منه أو وضع الحجر فى الفم
ثم نكلم الرجل عن الزبرجد فقال:
"القول على الزّبرجد:
هو صنفٌ واحدٌ، فستقيّ الّلون، شفّافٌ، لكنه سريع الانطفاء، لرخاوته وقيل: إنّ معدنه بالقرب من معدن الزّمرّد، ولكنه مجهولٌ في زماننا هذا، ومع ذلك، فقيمته نحو قيمة البنفش، وطبعه حارٌ، يابسٌ؛ وتقرب منافعه من منافع الزّمرّد، ويدفع شرّ العين "
لا يريد الرجل أن يترك مهدن إلا وذكر له فائدة هى خرافة كنفع الزبرجد فى منع الحسد وهو شر العين والحسد أمر نفسى وليس أمر عضوى كما قال تعالى "حسدا من عند أنفسهم"
ثم احدث عن الفيروز فقال:
"القول على الفيروزج:
اسمه بالفارسيّة " النّصر " ولذلك يسمّى " حجر الغلبة " ، ويسمّى أيضاً " حجر العين " ، لأنّ حامله يدفع عنه شرّها والمشهور عنه، أنّه يدفع الصّواعق - وهو حجرٌ أزرق أصلب من اللازورد، يجلب من أعمال نيسابور؛ وكلّما كان أرطب فهو أجود والمختار منه، ما كان من المعدن الأزهريّ، والبوسحاقيّ، لأنّه مشبع الّلون، صقيلٌ، شرقٌ، ثم الّلبنيّ المعروف " بشيرقام " ؛ثم الاسمانجونيّ الغميق قال أبو الرّيحان: " أعظم ما وجد من الفيروزج وزن مائة درهمٍ ولم يوجد من الخالص منه غير المختلط بشيء غيره، إلاّ وزن خمسة دراهم، وبلغت قيمته مائة دينار " قال الكنديّ: " وقد كرهه قومٌ بسبب تغيّره بالصّحو، والغيم والرّياح، وتصفير الرواح الطّيّبة له وإذهاب الحمّام لمائه وإماتته بالزّيت؛ وكما أنّه يموت بالزّيت، كذلك يحيا بالشّحم والإلية يعالج بأن يجعل في أيدي القصّابين " قال ابن زهرٍ: " إنّ الملوك تعظّم هذا الحجر، لأنّه يدفع القتل عن صاحبه، ولم ير في يد قتيل قطّ، ولا في يد غريقٍ وإذا شرب منه، نفع لدغة العقرب " وقال الغافقيّ: " إنّه باردٌ، يابسٌ " وقال ديسقوريدس: " إنّه يقبض نتوّ الحدقة، وينفع بثرها، ويجمع حجب العين المتخرّقة، ويجلو الغشاوة " وقال أرسطو طاليس: " إنّه ينقّص هيبة حامله " وذكر هرمس: " أنّه إذا نقش عليه صورة طائر، فيه سمكةٌ، وجعل في خاتمٍ، وتحته شيءٌ من خصي الثّعلب، ويكون القمر وعطارد في " برج " الّور، فإنّ حامله يقوى على الجماع وتزداد شهوته له " قال ابن أبي الأشعث: " إنّه يقوّي القلب، إلاّ أنّه دون الياقوت " ووجدت نقلاً عن بعض الأطبّاء " أنّه أقوى في تقوية النّفس من سائر الأحجار "
أكثر الكاتب هنا من ذكر الخرافات التى يمنعها لبس الفيروز مثل شر الحسد والقتل والغرق وهى أمور لا يمنعها شىء كما قال تعالى فى الموت "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو فى بروج مشيدة"
ثم تكلم عن البلور فقال:
"القول على البلور :
يجلب من جزائر الزّنج، ومن كشمير، ومن نواحي بذخشان، وله معدنٌ ببدليس، بإرمينية، ويجلب أيضاً من سرنديب، ومن بلاد إفرنجة، ومن المغرب الأقصى ومنه ما يلتقط من البوادي؛ وقيمته بحسب ما يعمل منه من الأواني، وحسن صنعتها ووجد منه قطعةٌ زنتها مائتا رطلٍ بالعراقيّ
وأفضله، المستنبط من بطن الأرض: ويكون ساطع البياض، كثير المائية، رزيناً، صلباً، بحيث يقدح منه النّار، ويخدش كثيراً من الجواهر، بخلاف الملتقط من ظاهر الأرض ومن خاصيّتّه: إنّ من علّقه عليه، لم ير مناماً يفزعه، ورأى أحلاماً حسنةً ويسقى منه مثقالٌ، بلبن الأتن، لأصحاب السّلّ، فينفعهم، وينفع الرّعشة تعليقاً "
وكعادة الكتاب ذكر الجنون مثل إنّ من علّقه عليه، لم ير مناماً يفزعه، ورأى أحلاماً حسنةً وهو كلام جنونى وكأن الغرض من الكتاب هو الدعاية لشراء تلك المعادن لمنع الشرور المزعومة وتعليقها فى الغالب أو للبسها
ثم تكلم عن الجمز فقال:
"القول على الجمز :
ويقال جمستٌ، هو حجرٌ يشبه الياقوت البنفسجيّ وأعلاه، ما غلبت عليه الورديّة ومعدنه بقرية الصّفرآء بالحجاز ويوجد مغشّى ببياض كالثّلج، على وجهه حمرةٌ ووجد منه قدر الرّطل، وأكثر ينفع وجع المعدة تعليقاً والشّرب بآنيته يبطىء بالسكر وقيمته رخيصة"
والكالعادة ذكر أن تعليقه على الصدر أو البطن يشفى وجع المعدة وهو كلام خرافى والأغرب أنه يدعو لفاحشة شرب الخمر بالشرب فى آنية مصنعة منه لأنه تبطىء عملية السكر
ثم تحدث عن الدهنج فقال :
"القول على الدّهنج:
هو حجرّ رخوّ، شديد الخضرة، تلوح فيه زنجاريةٌ، وفيه خطوط سودٌ دقاقٌ جدّاً، ورّبما شابه حمرةٌ خفيّةٌ؛ ومنه طاووسيّ، ومنه موشّى
وقيل: إنّه يصفو بصفاء الجوّ، ويكدر بكدورته - ومنه " فرنديّ " ، وهو أفضل أصنافه ومنه " هنديّ " ومنه " كرمانيّ " و " خراسانيّ " ومنه " كركيّ " ومنه " مغربيّ " والهند ترى أنّه ضربٌ من التّوتيا ويكون رخواً وقت إخراجه من معدنه؛ ثم يزداد صلابةً
وقال أرسطو طاليس: إن شرب منه شارب السمّ، نفعه، وإن شرب منه من غير سمّ، كان سمّاً وقد وثق عاّمة النّاس من " الفرنديّ " ، أنّه يجلو بياض العين جلاءً حسناً "
يعيد الرجل ذكر أوهامه فيقول أم الدهنج يكون شفاء من السموم ويكون سما إذا شرب لغير السم
ثم تحدث عن اليشب فقال:
القول على اليشب:
ويقال يشمٌ منه مجلوبٌ من بلاد الترك من ناحية ختن وألوانه: أبيض، وأصفر، وزيتيّ، وهو أفضلها ومنه مستخرجٌ من واديين يسمّى أحدهما " قاش " ، ويستخرج منه أبيض فائقٌ، ويسمّى الآخر " واقاش " والمستخرج منه كدرٌ ورّبما خرج منه شيءٌ أسودٌ ولا يوصل إلى معدنه؛ وإنّما السّيل يخرجه والقطع الكبار للملك، والصغار للرّعيّة، والتّرك وأهل الصّين تتّخذ منه مناطق، وحليةً للسّيوف والسّروج، حرصاً على الغلبة وزعموا أنّه يدفع الصّواعق وجرّب من الأصفر، والزيتيّ أنّه ينفع وجع المعدة تعليقاً عليها، وينفع أوجاع الأحشاء"
الأوهام ما زالت مستمرة فهو دواء بالتعليق من وجع المعدة كمعدن سبق ذكره وهو واقى من الصواعق ولم يثبت هذا علميا
ثم نكلم عن الفاذزهرفقال:
"القول على الفاذزهر:
ويقال: باهر ومنه معدنيٌّ، ومنه حيوانيٌّ والمعدنيّ منه أبيض، وأصفر، ومنكّت، وهو أفضلها ومعادنه بالهند والصّين والخالص منه، إذا ألقي من سحالته شيءٌ في لبنٍ حليبٍ، جمّده، ويعرق في الشّمس وهو نافعٌ من جميع السّموم ومقدار ما يشرب منه اثنتا عشرة شعيرةً، فيخرج السمّ بالعرق من الجسد، وإذا وضع على لسع العقرب، أو الزّنبور، نفع نفعاً بيّناً وإذا نثرت سحالته على موضع اللّسع، اجتذبت السّمّ منه وجرّب أنّه إذا نقش في فصٍّ منه، صورة عقربٍ، والقمر في " برج " العقرب، في أحد أوتاد الطّالع، وركّب لى خاتم ذهبٍ وطبع به، والقمر في " برج العقرب، على درهمين كندراً ممضوغاً، فإنّه يشفي من لسعة العقرب شرباً وأمّا " الحيوانيّ " من البازهر، فإنّه يتولّد في مرائر بعض الأيايل، بأرض " شنكارة " من جبال شيراز، كما يتولّد حجر البقر في مرائرها وأكثره بلّوطيّ الشّكل، لونه بين الخضرة والغبرة، ويتراكم طبقاتٍ، بعضها فوق بعضٍ، في المسنّ من هذا الحيوان، حتّى يبلغ زنة البلّوطة منه عشرة مثاقيل مع خفّته، وهو جوهرٌ شريفٌ يقاوم سائر السموم شرباً، إذا شرب منه من دانقٍ إلة نصف درهمٍ، يسحل على المسنّ بالما القراح وسحالة الخالص بيضاء، وربمّا تميل إلى حمرةٍ خفيفةٍ والمغشوش منه، سحابلته تميل إلى خضرةٍ، أو صفرةٍ
وإذا تقدّم إنسانٌ باستعماله على الاحتياط، وشرب منه في أربعين يوماً متواليةً، كلّ يومٍ وزن دانقٍ، لم يضرّه ما يرد على بدنه من السموم، وينفع المجذومين نفعاً بليغاً، ويجلو بياض لعين، والكلف، والنمش، جلاءً وحيّاً، ويحلّ مغل الدّوابّ، وأسر بولها سريعاً"
الأخطاء تتكرر فهذا المعدن المزعوم يشفى من كل السموم بلا استثناء والأمر من هذا أن رسم صورة عقرب أو غيره فى فص منه يمنع أثر سم العقرب أو غيره والأغرب نفعه فى شفا المجذوم مع أن الجذام فى عصر التقدم الحالى المزعوم ليس له دواء شافى تماما
ثم تكلم عن الخرتوت فقال:
القول على الخرتوت :
ويقال " ختوّ " :قال أبو الرّيحان البيرونيّ: هو حيوانيٌّ يقال إنّه يؤخذ من جبهة ثورٍ يكون في نواحي بلاد الترك، بأرض خرخيز وقيل: بل من جبهة طائرٍ عظيم، يسقط في بعض تلك الجزائر، وهو مرغوبٌ فيه عند الترك وأهل الصّين يزعمون أنّه يعرق، إذا قرّب من طعامٍ مسمومٍ
قال الأخوان الرّازيّان، خيره العقرب، الضّارب إلى الكهوبة وكان في القديم ما كان وزنه مائة درهمٍ: فقيمته من مائة دينارٍ، إلى مائةٍ وخمسين ديناراً وجربّن دخان بخوره، أنّه ينفع البواسير نفعاً بليغاً "
الرجل لا يعرف شىء عن اصل الخرتوت هل هو حيوان أو طائر ويبدو أنه يتكلم عن الخرتيت وهو حيوان حاليا حسب علماء الأحياء يعيش فى أفريقية ولا ينتمى لبلاد الترك أو غيرها ويبدو أن الحديث هو عن قرون الخرتيت الصلبة
والذى يغيظ أن الرجل يقول أنه تحدث عن المعادن النفيسة فقط مع أنه لم يذكر ذهبا ولا فضة فيهما فقال :
"ولكن هذا آخر الكلام في هذا الكتاب واقتصرت على ذكر هذه الجواهر، لأنّها النّفسية التّي تذّخرها والأكابر، وتتحلّى بها الغواني
ومنافعها جليلةٌ ولم طل فيه القول بكيفيّة تولّدها، لعدم الفائدة في ذلك ولا ذكرت ما يلتحق بها، مثل المرجان، والسّبح ونحوهما، لنزول مرتبتها، عن هذه الجواهر النفسيّة "
والغريب أن بعض ما ذكره كمعادن ليس لها علاقة بالمعادن كالخرتوت والدهنج
الكتاب من تأليف محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري المعروف بابن الأكفانى وموضوعه كما قال هو :
" فهذا كتابٌ لخصت فيه خلاصة كلام الأقدمين والمتأخرين من الحكماء المعتبرين في ذكر الجواهر النفيسة بأصنافها وصفاتها"
ويبدو ان الكتاب ككثير من كتب التراث ألفته لجان الضلال ووضعت فيه الخرافات والضلالات وحتى وضعت فيه قول يقول أن اسم الكتاب اسم أخر غير نخب الذخائر في أحوال الجواهر وهو :
" ومعادنها المعروفة: وقيمتها المشهورة المألوفة، وخواصها ونافعها بأوضح لفظ، وأصح معنى ووسمته " بنخب فيه القشر عن اللباب "
والكتاب كمعظم كتب المعادن فى تراثنا وحتى فى تراث الإغريق والهند وغيرهم يتناول أمورا لا علاقة لها بعلم المعادن كالحسد وإكساب المهابة والقضاء على الطاعون وغالبا لا تتحدث عن خواص المعادن إلا نادرا وإنما تتحدث عن أماكن تواجدها وأغلى الأجزاء وأسماء المشهورة منها وعن اسماء ملاكها
وقد استهل الرجل الكلام بمعدن الياقوت فقال :
"القول على الياقوت:
أصنافه أربعةٌ: ( الأحمر) وهو أعلاها رتبة، وأغلاها قيمةً و (الأصفر)،و (الأزرق)،و(الأبيض) وللأحمر سبع مراتب: أعلاها الرمّاني، ثم البهرماني ثم الأرجواني، ثم اللّحميّ، ثم البنفسجي، ثم الجلناريّ، ثم الوردي (فالرماني) هو الشبيه بحب الرمان الغضّ، الخالص الحمرة، الشديد الصبغ، الكثير الماء، ويؤخذ لونه بأن يقطر على صفيحة فضة مجلاة قطرة دم قرمز، أعني من عرق ضارب فلون تلك القطرة على تلك الصفيحة هو(الرماني)الجوهريين،(والبهرماني) يشبه بلون البهرماني،وهو الصبغ الخالص، الحاصل عن العصفر دون زردج ومن الجوهريين من يفضل البهرماني الرمانيّ، والتفضيل إنما هو بشدة الصّبغ وكثرة المائية، والشعاع ومنهم من يقول: هما شيءُ واحد وإنما أهل العراق يقولون: بهرمانيّ، وأهل خراسان يقولون: رمانيّ فالخلاف لفظيٌ
(والأرجواني) أيضاً شديد الحمرة وقيل: كان الأرجوانيّ لباس قياصرة الرّوم وكان محظوراً عن السوقة إلى زمن الإسكندر، فإنه اقتضى رأيه أن لا يختص الملك بلباسٍ يعرف به، فيقصد ومنهم من يسمي الأرجوانيّ: (الجمريّ)، بالجيم، تشبيهاً له بالجمر المتقد وصحفه بعضهم (بالخمري) وكأنّ الخمريّ هو البنفسجيّ وأما (اللحمي) فهو دون الأرجوانيّ في الحمرة، يشبه ماء اللحم الطريّ الذي لم يشبه ملحُ
و(البنفسجي) يشوبه كهبةٌ تخرجه عن خالص الحمرة وهو لون البنفسج المعروف بالماذنبيّ وأما ( الجلناريّ) فتشوبه بعض صفرةٍ و(الوردي) يشوبه بياض، وهو أنزل طبقات الأحمر وأجود هذه الألوان كلها: ما توفر صبغه، وماؤه، وشعاعه، وخلا عن (النمش)، وعن (الخرمليات) وهي حجارة تختلط به، وعن (الرتم)، وهو وسخ فيه شبه الطين،وعن (التفث) وهو كالصدع في الزجاجة، إذا صدمت يمنع نفود الضياء والإشفاف وهذا قد يكون أصلياً، وقد يكون عارضاً ومن عيوبه أيضاً اختلاف الصبغ، فيشبه البلقة، ومنها غمامةٌ بيضاء صدفيةٌ، تتصل ببعض سطوحه، فإن لم تكن غائرةً، ذهبت بالحكّ، وإذا خالط الحمرة لون غيرها، يزول بالحمي بالنار بتدريج، وتبقى الحمرة خالصةً، ولا يثبت على النار غيرها، ومتى زالت الحمرة بالحمي، فليس بياقوت
ومعدن الياقوت بجبلٍ يسمى (الراهون) في جزيرة سرنديب وفي سيلان ومكران، ومعدن الياقوت الأصفر، والأزرق، وتحت جبلها (البرق) معدن الياقوت الأحمر والياقوت، أصلب الجواهر، ولا يخدشه منها إلاّ الماس ولا ينجلي بخشب العشر الرطب، وإنما يسوى بالسنباذج، ويجلى على صفيحة نحاس بالجزع المكاس والماء،وهو أشدّ الجواهر صقالاً وأكثرها ماءً، وشعاعه في الليل في ضوءٍ الشمع أحمر وشعاع البلخش ونحوه أبيض
وذكر القدماء أنّ قيمة المثقال الفائق من الياقوت الأحمر ثلاثة آلاف دينار وأما في الدولة العباسيّة، فإنّ الغالب من قيمته، أنّ الجيد منه، إذا كان وزن طسوجٍ، يساوي خمسة دنانير، وضعفه عشرين ديناراً، وسدس مثقال ثلثون ديناراً، وثلث مثقال مائةً وعشرين ديناراً، ونصف مثقال، أربعمائة دينارٍ والمثقال بألف دينارٍ، والمثقال ونصف بألفي دينارٍ، هذا ما تقرر في أيام المأمون مع كثرة الجوهر في ذلك الزمان
والمقال من (البهرمانيّ) بثمانمائة دينار ومن (الأرجواني) بخمس مائة دينارٍ ومن (الجلناريّ) بمائتي دينارٍ ومن (اللّحمي) بمائة دينار
و (البنفسجي) يقاربه و (الوردي) دون ذلك وكان في خزانة الأمير (يمين الدولة) ياقوتة شكلها شكل حبة العنب، وزنها اثنا عشر مثقالاً، قومت بعشرين ألف دينار وكان للمقتدر فصّ يسمى (ورقة الآس) لأنه كان على شكلها وزنه مثقالان، إلا شعيرتين اشتراه بستين ألف درهم
وأما في هذا الزمان، فإنّ قيمة الياقوت وسائر الجواهر، زادت كثيراً، وأما الياقوت الأصفر فأعلاه ما قارب (الجلناريّ) وبعده (المشمشيّ)، وبعده (الأترجيّ) وبعده (التبنيّ) وبلغت قيمة الأصفر الجيد، المثقال مائة دينارٍ وأما (الأزرق) ويسمى (الأكهب) فأعلاه (الكحليّ) ثمّ (النيليّ)، ثمّ (اللازورديّ) ثمّ (السمائيّ) وكان في القديم قيمة الجيد من (الأزرق) عشرة دنانير، المثقال، وما زاد فتزداد قيمته بأضعاف ذلك
وأما الأبيض فإنه يحمل من (سرنديب) ويكون رزيناً بارداً في الفم، وأجوده (البلوريّ) الكثير الماء، وهو أقل قيمةً من سائرها
قال أرسطو طاليس: إنّ مزاج سائر اليواقيت حارٌ يابسٌ، وإذا علق شيءٌ من أي أصنافه كان، على إنسانٍ، أكسبه مهابةً في أعين الناس، وسهل عليه قضاء حوائجه ودفع عنه شرّ الطاعون
وقال ابن سينا: إنّ خاصيته في التفريج، وتقوية القلب ومقاومة السموم، عظيمة
وشهد جمع من القدماء أنه إذا أمسك في الفم، فرح القلب
غفران: وقال الغافقيَ وغيره: إنَه ينفع نفث الدَم، ويمنع جموده تعليقاً
وقال ابن زهرٍ: إن شرب سحيقه ينفع الجذام، وإن التختم به، يدفع حدوث الصرع
وقال ابن وحشيَة: من علق عليه الياقوت الأبيض، اتسع رزقه، وحسن تصرفه في المعاش وفي زماننا هذا، حجر نفيس يعرف " بعين الهرَ " لشبهه إيَاها كأنَ فيه زئبقاًَ يتحرك، يتغالى فيه الملوك والأمراء
ويقال إنَه من أصناف اليواقيت، ويظهر من معادنها وقيمته، إذا كان فائقاً، وزنته نحواً من نصف مثقال - ألف درهم فما فوقها، ويقال وقايةٌ لعين المجدور "
نلاحظ فى كلام الكاتب على الياقوت أنه قسمه حسب ألوانه لأربع أحمر وأصفر وأبيض وأرزق وتكلم هن ثلاث وأما الرابع وهو الأزرق فلم يتناوله على الإطلاق بأى كلام
وتناول الكاتب مسألة اختلاف أسعار الشىء من هصر لهصر أخر فقال مثلا "وذكر القدماء أنّ قيمة المثقال الفائق من الياقوت الأحمر ثلاثة آلاف دينار وأما في الدولة العباسيّة، فإنّ الغالب من قيمته، أنّ الجيد منه، إذا كان وزن طسوجٍ، يساوي خمسة دنانير، وضعفه عشرين ديناراً، وسدس مثقال ثلثون ديناراً، وثلث مثقال مائةً وعشرين ديناراً، ونصف مثقال، أربعمائة دينارٍ والمثقال بألف دينارٍ، والمثقال ونصف بألفي دينارٍ" والسبب فى رأيه رخص السعر هو كثرة المعروض من الشىء وفى هذا قال " هذا ما تقرر في أيام المأمون مع كثرة الجوهر في ذلك الزمان"
ثم ذكر الخرافات التالية ناسبا إياها للعلماء فقال :
"قال أرسطو طاليس: إنّ مزاج سائر اليواقيت حارٌ يابسٌ، وإذا علق شيءٌ من أي أصنافه كان، على إنسانٍ، أكسبه مهابةً في أعين الناس، وسهل عليه قضاء حوائجه ودفع عنه شرّ الطاعون
وقال ابن سينا: إنّ خاصيته في التفريج، وتقوية القلب ومقاومة السموم، عظيمة
وشهد جمع من القدماء أنه إذا أمسك في الفم، فرح القلب
وقال الغافقيَ وغيره: إنَه ينفع نفث الدَم، ويمنع جموده تعليقاً
وقال ابن زهرٍ: إن شرب سحيقه ينفع الجذام، وإن التختم به، يدفع حدوث الصرع
وقال ابن وحشيَة: من علق عليه الياقوت الأبيض، اتسع رزقه، وحسن تصرفه في المعاش وفي زماننا هذا، حجر نفيس يعرف " بعين الهرَ " ...ويقال وقايةٌ لعين المجدور "
الخرافات هى يكسب لابسه مهابة يحمى من الطاعون يفرح القلوب يداوى الجذام ويحمى من الصرع يوسع الرزق
الغريب أنه حتى عصرنا المسمى بعصر التقدم العلمى زورا لا يوجد علاج شافى تماما للصرع ولا للجذام ولا للطاعون وهذا الكلام هو دعوة للاعتقاد فى قدرة الأحجار على الشفاء بدلا من الذهاب للأطباء كما فى القول المأثور :
"تداووا عباد الله فإن الله جعل لكل داء دواء"
وأما كثرة الرزق قهى تتعلق بقدرة الله تعالى وليس بوجود حجر مع الإنسان كما قال تعالى :
"الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر"
ثم تحدث عن البلخش وهو يسمى حاليا الإسبينل فقال :
"القول على البلخش:
ويسمى " اللَعل " بالفارسية، وهو جوهر أحمر شفاف مسفرٌ صافٍ يضاهي فائق الياقوت في اللون والرونق، ويتخلَف عنه في الصلابة حتَى إنَه يحتكَ بالمصادمات، فيحتاج إلى الجلاء بالمرقشيثا الذهبيَة وهو أفضل ما جلي به هذا الجوهر ومنه ما يشبه الياقوت البهرمانّي ويعرف " بالبازكيّ " ، وهو أعلاها وأغلاها وكان يباع في أيّام بني بويه بقيمة الياقوت، حتّى عرفوه، فنزل عن تلك القيمة، وقرّر أن يباع بالدرهم دون المثقال، تفرقةً بينه وبين الياقوت ومنه ما يميل إلى البياض
ومنه ما يميل إلى البنفسجيّة، وهما دون الأوّل ومعدنه بالمشرق، على مسيرة ثلثة أيّامٍ من بذخشان، وهي له كالباب ومنه ما يوجد في غلفٍ شفّافةٍ ومنه ما يوجد بغير غلافٍ وكانت قيمته في القديم عن كلّ درهمٍ عشرين ديناراً، وربّما زاد عن ذلك وليس لهذا الجوهر منفعة كالياقوت، بل يشتري لحسنه "
البلخش عند الكاتب ليس له منفعة وهو يشابه الياقوت إلى حد ان الكثيرين لم يكونوا يفرقون بينهما
ثم تكلم الرجل عن البجادى ويسمى حاليا الجارنت فقال:
"القول على البجاديّ:
ويعرف " بالبنفش " هو حجرٌ يشبه الياقوت بعض الشبه إلا أنّه لا يضيء غالباً، حتى يقعر من تحته بالحفر، ليشف عن البطائن وشبه أرسطو طاليس لونه بنارٍ يشوبها دخانٌ ومنه ما يجلب من سرنديب، وهو أرفع طبقاته، ويعرف بالماذنبيّ ومنه ما يجلب من بذخشان، ومنه ما يجلب من بلاد إفرنجة ومنه صنفٌ يشوبه صفرةٌ خلوقيّةٌ، ويعرف " بالاسبادشت " ويوجد في " الخراساني " منه ما يكون وزنه نصف منٍ أمّا " السرنديبي " فإنه لا يتجاوز مقدار الياقوت بكثير وزنٍ وقيل: منه إن الجيد يلتقط زغب الرّيش المنتوف ويبلغ قيمة الدرهم منه ديناراً واحداً
وقال أرسطو طاليس: إن من تختّم بوزن عشرين شعيرةً منه، لم ير في منامه أحلاماً رديّةً ومن أدمن النّظر إليه نقص نور عينيه وقال ابن أبي الأشعث: لبسه يورث الخيلاء ويحرّك الشبق وأمّا " الإشبادشت " فإنّه يقطع الرّعاف، ونزف الدّم تعليقاً، إذا كان وزنه نصف مثقالٍ فما فوقه"
ونلاحظ العودة للخرافات وهو أن الحجر يمنع الأحلام السيئة يورث الخيلاء ويحرّك الشبق يقطع الرّعاف وهو تخريف ليس له علاقة بعلم الطب فالأدوية ليس أحجارا ولو أخذ الدواء من الحجر فغنه يكون فى صورة مسحوق يوضغ على مكان المرض فى صورهم أو لبخة او حتى يحول لدواء شرب أو غير هذا
ثم تحدث الرجل عن الماس فقال:
"القول على الماس:
هو جوهرٌ يشبه الياقوت في الرزانة، والصّلابة، وعدم الانفعال من الحديد، وقهره لغيره من الأحجار وهو شفّافٌ فيه أدنى بريقٍ ويوجد فيه الأبيض، والزيتيّ، والأصفر، والأحمر، والأخضر، والأزرق، والأسود، والفضي، والحديديّ وأشكال الماس كلّها مضرّسة، مخروطيّةٌ، ومثلّثات من غير صنعةٍ والهند تفضّل منه الأبيض، والأصفر، بسبب ما يظهر منهما من الشعاع الأحمر، الشّبيه بقوس قزح، إذا أقيما في مقابلة عين الشمس وأما أهل العراق وخراسان، فلا يفرّقون بين ألوانه، لأنّهم إنّما يستعملونه في ثقب الجواهر خاصةً ومعدنه بقرب معدن الياقوت وله معدنٌ بقرب غزنة، ومعدنٌ بمقدونية، من بلاد الروم ولونه كلون النوشادر، ومعدنٌ باليمن وهو حديديّ الّلون، ومعدنّ بقبرس، وهو فضيّ اللّون، رخوٌ ومن غريب حال الماس أنه إذا طرق بمطرقةٍ على سندانٍ، نكأ فيهما، ولا ينكسر وإذا لف في صفيحة أسربٍ، وضرب، انكسر وغالب ما يوجد منه قطعاً صغيرةً، بقدر الفلفل ونحوه وكانت قيمة هذه قديماً المثقال بمائتي دينار؛ وما كان بقدر البندقة، أو قاربه، يكون قيمته من ثلثمائة دينارٍ، إلى خمس مائة دينارٍ وحكى نصرٌ الجوهريّ: أنّ معزّ الدّولة بن بويه الديلميّ أهدى إلى أخيه، ركن الدولة، من الماس فصّا، وزنه ثلثة مثاقيل، ولم يسمع بأعظم منه وأخبرني السيّد الشريف ناصر الدّين الزّمرّديّ: أنّه رأى عند السلطان قطب الدّين، ملك الهند، من الماس الجيّد، الجليل القدر، شيئاً كثيراً جدّاً، ولعلّهم لا يسمحون بخروج جيّده من أرضهم، لأنهم يتيمنون به قال أرسطو طاليس: الماس باردٌ يابسٌ في الرّابعة، يثقب به الياقوت وسائر الأحجار الصلبة، ومتى كان في مجرى البول حصاةٌ، فتلصق حبة ٌمن هذا الحجر في حديدةٍ كالقاثاطير، ثم يدخل قي القضيب لتماس الحصاة، فتفتّتها ولا ينبغي أن يدخل الفم، فإنّه يكسر الأسنان، وإن ابتلع منه شيء، ربما قتل"
العريب هنا بعد ذكر المعلومات العلمية ذكر أن حصاوى الجسم كالحصاوى فى الحالب يمكن استخراجها بحبة من الماس تدخل فى خرم القضيب حتى تفتت الحصوة مع أن يقول فى نفس الفقرة أنها لو دخل جسم الإنسان يقتله
ثم تحدث الرجل عن الدر واللؤلؤ فقال:
"القول على الدرّ واللؤلؤ:
الحيوان الّذي يتولّد فيه اللؤلؤ، هو بعض الأصداف؛ وهو دقيق القوائم، لزجٌ، ينفتح بإرادة منه، وينضمّ كذلك ويمشي أسراباً، ويزدحم على المرعى واختلفوا في تولّده في هذا الصّدف، فمنهم من قال إنّه يتكوّن فيه، كما يتكوّن البيض في الحيوان البيّاض ذكر ذلك جمعٌ من المحقّقين
وقيل: بل يطلع إلى سطح البحر في شهر نيسان، وينفتح الصدف، ويتلقى المطر، فينعقد حبّا ذكره نصرٌ الجوهريّ، وكثيرٌ من الناس وأقول عند التّدقيق: لا تضادّ بين القولين، لجواز أن يكون تكوّن اللّؤلؤ في صدفه كتكوّن البيض، ويكون قطر نيسان له بمثابة النّطفة وقال الكنديّ: إنّ موضع اللّؤلؤ من هذا الحيوان، داخل الصدّف، وما كان منه يلي الفم، والأذن، فهو الجيّد منه وقالوا: إنّ الحبّ الكبير، إنّما يتكّون في حلقومه، ويزداد بالتفاف القشور عليه والدّليل على ذلك أنّه يوجد طبقاتٌ، والدّاخلة منها شبيهةٌ بالخارجة، وكلّها تشابه باطن الصّدف
وله مغاصاتٌ مشهورةٌ في البحر الأخضر ويوجد في مجازات تلك المغاوص، وبين تلك السّواحل ومن المغاصات المشهورة " مغاص أوال " بالبحرين و " مغاص دهلك " و " السّرّين " و " مغاص الشّرجة " باليمن، و " مغاص القلزم " بجوار جبل الطوّر، و " مغاص غبّ سرنديب " و " مغاص سفالة الزّنج " ، و " مغاص أسقطري "
وقد يتفق في بعض المغاصات مانعٌ من الغوص كالحيوانات المؤذية الّتي في مغاص القلزم: ولهذا يدهن الغوّاصون عند الغوص أبدانهم بالميعة السّائلة، لأنّ الهواّ البحريّة لا تقربها ويختلف اللّؤلؤ باختلاف المغاصات، من جهة تربة المكان، وغذاء الحيوان، كما تغلب الرصاصيّة على اللآلىء القلزميّة، والدهلكيّة والوقت الذّي يغاص فيه، هو من أوّل نيسان الرّوميّ إلى آخر شهر أيلول وفي ما عدا هذه المدّة، يسافر هذا الحيوان من السّواحل ويلجّج ويختلف اللّؤلؤ بالمقدار، فنه الكبار والصّغار، وما بين ذلك وأعظم ما وجد منه " اليتيمة " الّتي كانت عند عبد الملك بن مروان ذكر أنّها كان وزنها ثلاثة مثاقيل وكانت مع ذلك حائزةً لجميع صفات الحسن، مدحرجةً ونقيّةً، رطبةً رائعة، ولذلك سميت اليتيمة ولم يذكر عنها قيمة لكن ذكر الأخوان الرّازيّان أنّهما شاهدا في خزانة الأمير " يمين الدولة " حبّةً ذات قاعدةٍ، وزنها مثقالان وثلثٌ، وأنّها قوّمت بثلاثين ألف دينارٍ ويختلف اللّؤلؤ أيضاً من شكله: فمنه " المدحرج " ، ويعرف " بالعيون " ، وإذا كثرت استدارته، وماؤه، سمّي " نجماً " ومنه " المستطيل الزّيتونيّ " ومنه " الغلاميّ " ، وهو المستدير القاعدة، المحددّ الرّأس، كأنّه مخروطٌ ومنه " الفلكيّ " المفرطح، ومنه " الفوفليّ " ، و " اللّوزيّ " ، و " الشّعيريّ " ، ومنه " المضرّس " ، وهو أدونها شكلاً ويختلف اللّؤلؤ أيضاً من لونه، فمنه " النّقيّ البياض " ، ومنه " الرّصاصيّ " ، ومنه " العاجيّ " ، وصفرته غالباً في حساب المرض له؛ وإذا زاد، وطال زمانه، اسودّ واللّؤلؤ سريع التّغيير، لأنّه حيوانيٌّ، بخلاف الجواهر المعدنيّة: فإنّ أعمارنا لا تفي بتغيّر أكثرها ويثقب هذا الحبّ، لأنّه يزداد بحسن التأليف في النّظم حسناً، ورونقاً، وقيمةً وإنّما يثقب بالماس، فلذلك لم يستعمل الأطبّاء في الأدوية إلاّ البكر غير المثقوب والقيمة عن الدّرّ في القديم " النّجم " ، إذا كان وزنه مثقالاً، كانت قيمته ألف دينار؛ وإذا كان وزنه ثلثي مثقالٍ، كانت قيمته خمس مائة دينارٍ؛ وإذا كان وزنه نصف مثقالٍ، كانت قيمته مائتي دينارٍ؛ وإذا كان وزنه ثلث مثقالٍ، كانت قيمته خمسين ديناراً؛ وإذا كان وزنه ربع مثقالٍ، كانت قيمته عشرين ديناراً؛ وإذا كان وزنه سدس مثقال، فقيمته خمسة دنانير؛ وثمن مثقال فقيمته ثلثة دنانير، ونصف سدس مثقالٍ، فقيمته دينارٌ واحدٌ " والغلاميّ " بالنّصف من قيمة " النّجم " وما عداهما، بالنّصف من قيمة " الغلاميّ " وأمّا ما زاد على زاد وزن مثقالٍ، فيزاد لكلّ قيراطٍ في الوزن، مائة دينارٍ في الثّمن، إلى أن يبلغ مثقالاً ونصفاً؛ ثم يزاد لكلّ دانقٍ في الوزن خمس مائة دينارٍ في الثّمن، إلى أن يبلغ مثقالين، وما زاد عليه تتضاعف قيمته وأمّا الآن فالقيمة على قياس الجواهر، متضاعفةٌ، لكثرة الرّغبات من ملوك العصر، في اقتناء الجواهر النّفيسة وأمّا صغاره، فبالدّرهم يقوّم وخاصّية الّلّؤلؤ: المنفعة من خفقان القلب، وتوحشّه، وأنّه يجلوا العين، ويزيد في الباه، ويقطع نزف الدّم وشربته درهمٌ والمحلول منه، يذهب البهق، والبرص، والكلف، والنّمش طلاء ويبرىء الصّداع، والشقيقة سعوطاً وصفة حلّه، أن يسحق ويعجن بماء حمّاض الأترجّ، ويعلق في دنٍ فيه خلٌ، بحيث يرتقي إليه بخار الخلّ، فإنه ينحل في ثلاثة أسابيع وهو يابس في الدّرجة الثانية بارد في الأولى وقيل: حارٌ فيها، لطيف جداً
قال نصرٌ الجوهريّ: إذا ذهب ماء اللؤلؤ وكدر فينبغي أن يودع أليةً مشروحةً، وتلف الألية في عجين مختمر، ويجعل في كوزٍ، ويحمى عليه، فإذا خرج دهن بالكافور، وقال (أبو الرّيحان البيرونيّ) إنّ ما كان تغيره من قبل الطّيب فيجعل في قدح مطيّن، فيه صابون ونورةٌ غير مطفأةٍ، جزءان متساويان، ويصب عليه ماءٌ عذبٌ، وحل خمرٍ، ويغلى في نارٍ لينةٍ، ولا تزال ترفع رغوة الصّابون، وترمي بها، إلى أن تنقطع ويصفو الماء في القدح، وبعد ذلك يخرج اللؤلؤ، ويغسل وإن كان التغير في أديمه إلى السواد، فينقع في لبن التين أربعين يوماً، ثمّ ينقل إلى قدحٍ، فيه محلبٌ وكافورٌ، وخروعٌ أجزاءٌ سواءٌ، ويوضع على نار فحمٍ، مقدار ساعتين بدون نفخٍ عليها، ثم تنحّى وإن كان السواد في باطنه، طلي بشمع وجعل في قدحٍ مع حمّاض الأترج، ويبدل عليه كلّ ثلاثة أيام، وتدام خضخضته حتّى يبيض وإن كان في أديمه صفرةٌ، نقع في لبن التيّن أربعين يوماً، ثم نقل إلى قدحٍ فيه قلى، وصابونٌ وبورق بالسوية، ويفعل فيه كما يفعل بالأسود وإن كانت الصفرة في داخله، جعل في محلب، وسمسم، وكافورٍ متساوية الأجزاء، مدقوقةٍ، ثمّ يلف فوقها عجين وتوضع في مغرفةٍ حديدٍ، وتغمر بدهن الأكارع، وتغلى غليتين، ثمّ تخرج
وإن كان أحمر، أغلي في لبن حليبٍ، ثمّ طلي بأشنانٍ فارسيّ، وشبٍ يمانيّ، وكافور أجزاء متساوية، تدق ناعماً، وتعجن بلبن حليبٍ، ويطلى به طلياً ثخيناً، وتودع جوف عجين قد عجن بلبنٍ حليبٍ، ويخبز في التّنور وإن كان رصاصياً، نقع في حمّاض الأترجّ ثلاثة أيّام: ثمّ يغسل بماء البيض، ويحفظ من الرّيح بالقطن وذكر غيرهما في تبيض الفاسد، أن يلقى في خلٍ ثقيفٍ مع حبّتين تنكاراً، وقيراط نوشادراً وحبةٍ بورقاً وثلاث حبّات قلى مسحوقةٍ، ويغلى في مغرفة حديدٍ، ثمّ ترفع المغرفة عن النّار، وتوضع في ماءٍ باردٍ، ويدلك فيه بملحٍ أندرانيّ مسحوقٍ ناعمٍ، ثمّ يغسل بماءٍ عذب، ولا يبعد أن هذا العمل ينزع عنه قشره الأعلى، أو بعضه، والتّجربة خطرٌ"
تحدث الرجل عن عن أسعار بيع اللؤلؤ حسب أوزانه كما تحدث عن الاختلاف فى أصله وعن أماكن وجوده ولكن الخرافات عاد لذكرها فقال :
"وخاصّية الّلّؤلؤ: المنفعة من خفقان القلب، وتوحشّه، وأنّه يجلوا العين، ويزيد في الباه، ويقطع نزف الدّم وشربته درهمٌ والمحلول منه، يذهب البهق، والبرص، والكلف، والنّمش طلاء ويبرىء الصّداع، والشقيقة سعوطاً "
فاللؤلؤ لم يثبت أنه نافع طبيا فلم يصنع أحد منه أدوية وأما وضع حباته بجوار الشىء فإنه اعتقاد النفع فى حجر وهو اعتقاد خاطىء ودعوة لترك الطب
ثم تحدث الرجل عن الزمرد فقال :
"القول في الزّمرد :
الخضرة تعمّ أصنافه كلها، وأفضله ما كان (مشبع الخضرة) ذا رونقٍ وشعاع لا يشوبه سوادٌ، ولا صفرةٌ، ولا نمشٌ، ولا حرملياتٌ، ولا عروقٌ بيضٌ ولا تفوتٌ، وليس يكاد يخلص عنها، ودونه " الرّيحانيّ " الشّبيه بورق السّلق الطّريء وأهل الهند والصّين تفضّل " الرّيحانيّ " منه، وترغب فيه: وأهل المغرب يرغبون لما كان مشبع الخضرة، وإن كان قليل الماء؛ ويزداد رونقاً، إذا دهن بزيت بزر الكتّان، وإذا ترك بدون دهنٍ، يذهب ماؤه ويمتحن بالعقيق المحدّد، فإن خدشه، فهو من أشباه الزّمرّد ومعدنه بسفح جبلٍ في " شندة " من أرض البجاة، بصعيد مصر الأعلى، وأكثر ما يظهر منه خرزٌ مستطيلةٌ ذات خمسة أسطحةٍ، وتسمّى أقصاباً - وثقبه يشينه، بعكس اللؤلؤ وظهر في زماننا هذا، من هذا المعدن، قطعٌ لم يسمع بمثلها في العظم، ما يقارب زنة منٍّ، أو نحو ذلك والمشهور أن الدّهنج يكدّر الزّمرّد، إذا ماسّه، ويذهب رونقه، وهو الآن بدون القيمة التي كانت في القديم بخلاف سائر الجواهر وما ذلك إلاّ لكثرته؛ فإنّ أبا الرّيحان البيرونيّ حكى أنّ زنة نصف مثقالٍ من الجيّد منه يساوي ألف دينارٍ وقيل: إنّ منه صنفاً يعرف " بالذّبابيّ " لأنّه يشبه الذّباب الطاووسيّة اللون التي تكون في المروج الخضر، وإنّ من خاصيّة هذا الصنف، أنّ الافاعي إذا نظرته، تسيل أعينها، وأنا إلى الآن، لم أر هذا الصّنف، ولكنّني امتحنت الرّيحانيّ والسّلقّي في هذا الأمر، فلم يصحّ، ولا تغّيرت أعين الأفاعي بوجهٍ، وخاصيّة الزّمرّد، النفع من السّموم المشروبة، ونهش الأفاعي، ولدغ العقارب يؤخذ من سحيقه تع شعيراتٍ، ويجد شاربه في بدنه وجعاً عظيماً، وانحلالاً في قوّته، ثم يفيق، وقد انتفع ويوقف الجذام في ابتدائه، ويقطع الإسهال المزمن، ونفث الدّم، شرباً وتعليقاً؛ ويقوّي المعدة، وينفع الصّرع تعليقاً؛ وإمساكه في الفم يقوّي الأسنان والمعدة؛ وإن علّق على فخذ المطلوقة، أسرعت الولادة وإدمان النّظر إليه يجلو البصر، ويحدّه وطبعه يابسٌ "
تحدث الرجل عن نظرية أن كثرة الشىء تقل من سعره فقال "وهو الآن بدون القيمة التي كانت في القديم بخلاف سائر الجواهر وما ذلك إلاّ لكثرته"
وتحدث عن أن القول بأن الزمرد يسيل عيون الأفاعى ليس قول سليم لأنه جرب هذا بنفسه ومع هذا عاد لذكر خرافات الحجر فقال مؤكدا على أنها حقائق :
"وخاصيّة الزّمرّد، النفع من السّموم المشروبة، ونهش الأفاعي، ولدغ العقارب يؤخذ من سحيقه تسع شعيراتٍ، ويجد شاربه في بدنه وجعاً عظيماً، وانحلالاً في قوّته، ثم يفيق، وقد انتفع ويوقف الجذام في ابتدائه، ويقطع الإسهال المزمن، ونفث الدّم، شرباً وتعليقاً؛ ويقوّي المعدة، وينفع الصّرع تعليقاً؛ وإمساكه في الفم يقوّي الأسنان والمعدة؛ وإن علّق على فخذ المطلوقة، أسرعت الولادة وإدمان النّظر إليه يجلو البصر، ويحدّه وطبعه يابسٌ"
وهو كلام كله دعوة لترك العمل بعلم الطب والتعلق بأوهام نفع الحجر بتعليقه أو بعمل مسحوق منه أو وضع الحجر فى الفم
ثم نكلم الرجل عن الزبرجد فقال:
"القول على الزّبرجد:
هو صنفٌ واحدٌ، فستقيّ الّلون، شفّافٌ، لكنه سريع الانطفاء، لرخاوته وقيل: إنّ معدنه بالقرب من معدن الزّمرّد، ولكنه مجهولٌ في زماننا هذا، ومع ذلك، فقيمته نحو قيمة البنفش، وطبعه حارٌ، يابسٌ؛ وتقرب منافعه من منافع الزّمرّد، ويدفع شرّ العين "
لا يريد الرجل أن يترك مهدن إلا وذكر له فائدة هى خرافة كنفع الزبرجد فى منع الحسد وهو شر العين والحسد أمر نفسى وليس أمر عضوى كما قال تعالى "حسدا من عند أنفسهم"
ثم احدث عن الفيروز فقال:
"القول على الفيروزج:
اسمه بالفارسيّة " النّصر " ولذلك يسمّى " حجر الغلبة " ، ويسمّى أيضاً " حجر العين " ، لأنّ حامله يدفع عنه شرّها والمشهور عنه، أنّه يدفع الصّواعق - وهو حجرٌ أزرق أصلب من اللازورد، يجلب من أعمال نيسابور؛ وكلّما كان أرطب فهو أجود والمختار منه، ما كان من المعدن الأزهريّ، والبوسحاقيّ، لأنّه مشبع الّلون، صقيلٌ، شرقٌ، ثم الّلبنيّ المعروف " بشيرقام " ؛ثم الاسمانجونيّ الغميق قال أبو الرّيحان: " أعظم ما وجد من الفيروزج وزن مائة درهمٍ ولم يوجد من الخالص منه غير المختلط بشيء غيره، إلاّ وزن خمسة دراهم، وبلغت قيمته مائة دينار " قال الكنديّ: " وقد كرهه قومٌ بسبب تغيّره بالصّحو، والغيم والرّياح، وتصفير الرواح الطّيّبة له وإذهاب الحمّام لمائه وإماتته بالزّيت؛ وكما أنّه يموت بالزّيت، كذلك يحيا بالشّحم والإلية يعالج بأن يجعل في أيدي القصّابين " قال ابن زهرٍ: " إنّ الملوك تعظّم هذا الحجر، لأنّه يدفع القتل عن صاحبه، ولم ير في يد قتيل قطّ، ولا في يد غريقٍ وإذا شرب منه، نفع لدغة العقرب " وقال الغافقيّ: " إنّه باردٌ، يابسٌ " وقال ديسقوريدس: " إنّه يقبض نتوّ الحدقة، وينفع بثرها، ويجمع حجب العين المتخرّقة، ويجلو الغشاوة " وقال أرسطو طاليس: " إنّه ينقّص هيبة حامله " وذكر هرمس: " أنّه إذا نقش عليه صورة طائر، فيه سمكةٌ، وجعل في خاتمٍ، وتحته شيءٌ من خصي الثّعلب، ويكون القمر وعطارد في " برج " الّور، فإنّ حامله يقوى على الجماع وتزداد شهوته له " قال ابن أبي الأشعث: " إنّه يقوّي القلب، إلاّ أنّه دون الياقوت " ووجدت نقلاً عن بعض الأطبّاء " أنّه أقوى في تقوية النّفس من سائر الأحجار "
أكثر الكاتب هنا من ذكر الخرافات التى يمنعها لبس الفيروز مثل شر الحسد والقتل والغرق وهى أمور لا يمنعها شىء كما قال تعالى فى الموت "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو فى بروج مشيدة"
ثم تكلم عن البلور فقال:
"القول على البلور :
يجلب من جزائر الزّنج، ومن كشمير، ومن نواحي بذخشان، وله معدنٌ ببدليس، بإرمينية، ويجلب أيضاً من سرنديب، ومن بلاد إفرنجة، ومن المغرب الأقصى ومنه ما يلتقط من البوادي؛ وقيمته بحسب ما يعمل منه من الأواني، وحسن صنعتها ووجد منه قطعةٌ زنتها مائتا رطلٍ بالعراقيّ
وأفضله، المستنبط من بطن الأرض: ويكون ساطع البياض، كثير المائية، رزيناً، صلباً، بحيث يقدح منه النّار، ويخدش كثيراً من الجواهر، بخلاف الملتقط من ظاهر الأرض ومن خاصيّتّه: إنّ من علّقه عليه، لم ير مناماً يفزعه، ورأى أحلاماً حسنةً ويسقى منه مثقالٌ، بلبن الأتن، لأصحاب السّلّ، فينفعهم، وينفع الرّعشة تعليقاً "
وكعادة الكتاب ذكر الجنون مثل إنّ من علّقه عليه، لم ير مناماً يفزعه، ورأى أحلاماً حسنةً وهو كلام جنونى وكأن الغرض من الكتاب هو الدعاية لشراء تلك المعادن لمنع الشرور المزعومة وتعليقها فى الغالب أو للبسها
ثم تكلم عن الجمز فقال:
"القول على الجمز :
ويقال جمستٌ، هو حجرٌ يشبه الياقوت البنفسجيّ وأعلاه، ما غلبت عليه الورديّة ومعدنه بقرية الصّفرآء بالحجاز ويوجد مغشّى ببياض كالثّلج، على وجهه حمرةٌ ووجد منه قدر الرّطل، وأكثر ينفع وجع المعدة تعليقاً والشّرب بآنيته يبطىء بالسكر وقيمته رخيصة"
والكالعادة ذكر أن تعليقه على الصدر أو البطن يشفى وجع المعدة وهو كلام خرافى والأغرب أنه يدعو لفاحشة شرب الخمر بالشرب فى آنية مصنعة منه لأنه تبطىء عملية السكر
ثم تحدث عن الدهنج فقال :
"القول على الدّهنج:
هو حجرّ رخوّ، شديد الخضرة، تلوح فيه زنجاريةٌ، وفيه خطوط سودٌ دقاقٌ جدّاً، ورّبما شابه حمرةٌ خفيّةٌ؛ ومنه طاووسيّ، ومنه موشّى
وقيل: إنّه يصفو بصفاء الجوّ، ويكدر بكدورته - ومنه " فرنديّ " ، وهو أفضل أصنافه ومنه " هنديّ " ومنه " كرمانيّ " و " خراسانيّ " ومنه " كركيّ " ومنه " مغربيّ " والهند ترى أنّه ضربٌ من التّوتيا ويكون رخواً وقت إخراجه من معدنه؛ ثم يزداد صلابةً
وقال أرسطو طاليس: إن شرب منه شارب السمّ، نفعه، وإن شرب منه من غير سمّ، كان سمّاً وقد وثق عاّمة النّاس من " الفرنديّ " ، أنّه يجلو بياض العين جلاءً حسناً "
يعيد الرجل ذكر أوهامه فيقول أم الدهنج يكون شفاء من السموم ويكون سما إذا شرب لغير السم
ثم تحدث عن اليشب فقال:
القول على اليشب:
ويقال يشمٌ منه مجلوبٌ من بلاد الترك من ناحية ختن وألوانه: أبيض، وأصفر، وزيتيّ، وهو أفضلها ومنه مستخرجٌ من واديين يسمّى أحدهما " قاش " ، ويستخرج منه أبيض فائقٌ، ويسمّى الآخر " واقاش " والمستخرج منه كدرٌ ورّبما خرج منه شيءٌ أسودٌ ولا يوصل إلى معدنه؛ وإنّما السّيل يخرجه والقطع الكبار للملك، والصغار للرّعيّة، والتّرك وأهل الصّين تتّخذ منه مناطق، وحليةً للسّيوف والسّروج، حرصاً على الغلبة وزعموا أنّه يدفع الصّواعق وجرّب من الأصفر، والزيتيّ أنّه ينفع وجع المعدة تعليقاً عليها، وينفع أوجاع الأحشاء"
الأوهام ما زالت مستمرة فهو دواء بالتعليق من وجع المعدة كمعدن سبق ذكره وهو واقى من الصواعق ولم يثبت هذا علميا
ثم نكلم عن الفاذزهرفقال:
"القول على الفاذزهر:
ويقال: باهر ومنه معدنيٌّ، ومنه حيوانيٌّ والمعدنيّ منه أبيض، وأصفر، ومنكّت، وهو أفضلها ومعادنه بالهند والصّين والخالص منه، إذا ألقي من سحالته شيءٌ في لبنٍ حليبٍ، جمّده، ويعرق في الشّمس وهو نافعٌ من جميع السّموم ومقدار ما يشرب منه اثنتا عشرة شعيرةً، فيخرج السمّ بالعرق من الجسد، وإذا وضع على لسع العقرب، أو الزّنبور، نفع نفعاً بيّناً وإذا نثرت سحالته على موضع اللّسع، اجتذبت السّمّ منه وجرّب أنّه إذا نقش في فصٍّ منه، صورة عقربٍ، والقمر في " برج " العقرب، في أحد أوتاد الطّالع، وركّب لى خاتم ذهبٍ وطبع به، والقمر في " برج العقرب، على درهمين كندراً ممضوغاً، فإنّه يشفي من لسعة العقرب شرباً وأمّا " الحيوانيّ " من البازهر، فإنّه يتولّد في مرائر بعض الأيايل، بأرض " شنكارة " من جبال شيراز، كما يتولّد حجر البقر في مرائرها وأكثره بلّوطيّ الشّكل، لونه بين الخضرة والغبرة، ويتراكم طبقاتٍ، بعضها فوق بعضٍ، في المسنّ من هذا الحيوان، حتّى يبلغ زنة البلّوطة منه عشرة مثاقيل مع خفّته، وهو جوهرٌ شريفٌ يقاوم سائر السموم شرباً، إذا شرب منه من دانقٍ إلة نصف درهمٍ، يسحل على المسنّ بالما القراح وسحالة الخالص بيضاء، وربمّا تميل إلى حمرةٍ خفيفةٍ والمغشوش منه، سحابلته تميل إلى خضرةٍ، أو صفرةٍ
وإذا تقدّم إنسانٌ باستعماله على الاحتياط، وشرب منه في أربعين يوماً متواليةً، كلّ يومٍ وزن دانقٍ، لم يضرّه ما يرد على بدنه من السموم، وينفع المجذومين نفعاً بليغاً، ويجلو بياض لعين، والكلف، والنمش، جلاءً وحيّاً، ويحلّ مغل الدّوابّ، وأسر بولها سريعاً"
الأخطاء تتكرر فهذا المعدن المزعوم يشفى من كل السموم بلا استثناء والأمر من هذا أن رسم صورة عقرب أو غيره فى فص منه يمنع أثر سم العقرب أو غيره والأغرب نفعه فى شفا المجذوم مع أن الجذام فى عصر التقدم الحالى المزعوم ليس له دواء شافى تماما
ثم تكلم عن الخرتوت فقال:
القول على الخرتوت :
ويقال " ختوّ " :قال أبو الرّيحان البيرونيّ: هو حيوانيٌّ يقال إنّه يؤخذ من جبهة ثورٍ يكون في نواحي بلاد الترك، بأرض خرخيز وقيل: بل من جبهة طائرٍ عظيم، يسقط في بعض تلك الجزائر، وهو مرغوبٌ فيه عند الترك وأهل الصّين يزعمون أنّه يعرق، إذا قرّب من طعامٍ مسمومٍ
قال الأخوان الرّازيّان، خيره العقرب، الضّارب إلى الكهوبة وكان في القديم ما كان وزنه مائة درهمٍ: فقيمته من مائة دينارٍ، إلى مائةٍ وخمسين ديناراً وجربّن دخان بخوره، أنّه ينفع البواسير نفعاً بليغاً "
الرجل لا يعرف شىء عن اصل الخرتوت هل هو حيوان أو طائر ويبدو أنه يتكلم عن الخرتيت وهو حيوان حاليا حسب علماء الأحياء يعيش فى أفريقية ولا ينتمى لبلاد الترك أو غيرها ويبدو أن الحديث هو عن قرون الخرتيت الصلبة
والذى يغيظ أن الرجل يقول أنه تحدث عن المعادن النفيسة فقط مع أنه لم يذكر ذهبا ولا فضة فيهما فقال :
"ولكن هذا آخر الكلام في هذا الكتاب واقتصرت على ذكر هذه الجواهر، لأنّها النّفسية التّي تذّخرها والأكابر، وتتحلّى بها الغواني
ومنافعها جليلةٌ ولم طل فيه القول بكيفيّة تولّدها، لعدم الفائدة في ذلك ولا ذكرت ما يلتحق بها، مثل المرجان، والسّبح ونحوهما، لنزول مرتبتها، عن هذه الجواهر النفسيّة "
والغريب أن بعض ما ذكره كمعادن ليس لها علاقة بالمعادن كالخرتوت والدهنج