aton

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تراث الانسانية


    نقد كتاب الدمع في القرآن الكريم

    avatar
    رضا البطاوى
    فعال
    فعال


    ذكر
    عدد الرسائل : 4099
    العمر : 56
    تاريخ التسجيل : 26/01/2010

    نقد كتاب الدمع في القرآن الكريم Empty نقد كتاب الدمع في القرآن الكريم

    مُساهمة من طرف رضا البطاوى الأربعاء 2 يونيو 2021 - 6:39

    نقد كتاب الدمع في القرآن الكريم
    الكتاب تأليف محمود عبد الستار شلال الدهان والمفروض حسب العنوان أن يتناول ما جاء عن الدمع فى القرآن وهو موضعين وأما ما يتعلق بهما مواضع قليلة والتناول يكون من ناحية معنى الكلمة وما يتصل بها من الحزن أو حتى تشريح العين طبيا ومعها الغدد الدمعية ولكن الكتاب يعتبر دراسة لغوية بلاغية وقد استهل الكتاب بتعريف الدمع وسوف أحذف غالبية ما ذكره من المعانى اللغوية والنقل اللغوى لأنه لا يفيد القارىء بأى فائدة وقد قال:
    تمهيد
    الدمع في اللغة والاصطلاح:
    أولا/ الدمع لغة:
    ((دمع)): الدال، والميم، والعين، أصل واحد يدل على ماء أو عبرة
    والدمع: ماء العين، والقطرة دمعة، والفعل دمعت العين دمعا ودمعت دمعا ودمعت دمعا ودمعت دموعا أيضاوالمدامع: المآقي وهي أطراف العين والمدمع: مسيل الدمع وقيل: المدمع مجتمع الدمع في نواحي العين، وجمعه مدامع
    ثانيا/ الدمع اصطلاحا:
    اسم للسائل من العين حزنا أو سرورا وقيل: هو حالة معروفة في النفس البشرية، حين يبلغ بها التأثر درجة أعلى من ان يفي بها القول، فيفيض الدمع ليؤدي مالا يؤديه القول، وليطلق الشحنة الحبيسة من التأثر العميق العنيف"
    فالدمع سائل ذو قطرات ناتج إما من الحزن وهو الغالب وإما من كثرة الضحك أو الفرح نادرا
    واستهل الكتاب بأول الآيات المذكور فيها الدمع حيث ذكرها فقال:
    "المطلب الأول
    لين القلوب واهتزاز المشاعر لمن هو اقرب مودة للمؤمنين
    قال تعالى: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون * وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين* وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين* فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين}"
    ثم قام بتحليل الألفاظ وهو ما سوف أحذف معظمه لأن ذكر للمعانى اللغوية للكلمة وليس للمعنى القرآنى وحده:
    "أولا/ تحليل الألفاظ:
    1 قوله تعالى: {عداوة}
    ((عدو)): العين، والدال، والحرف المعتل، أصل واحد صحيح، والعداوة: اسم عام من العدو، يقال: عدو بين العداوة، وفلان يعادي بني فلان
    2 قوله تعالى: {مودة}
    ((ود)): الواو والدال: كلمة تدل على محبة
    3 قوله تعالى: {قسيسين}
    ((قس)): القاف، والسين معظم بابه تتبع الشيء، وقيل: القس والقسيس العالم بلغة الروم، وقد تكلمت به العرب وأجروه مجرى سائر كلماتهم والقس والقسيس: العالم العابد من رؤوس النصارى وقيل ان النصارى ضيعت الإنجيل، وأدخلوا فيه ما ليس منه، وبقي من علمائهم واحد على الحق والاستقامة يقال له قسيسا، فمن كان على هديه ودينه فهو قسيس
    4 قوله تعالى: {ورهبانا}
    ((رهب)): الراء، والهاء، والباء، أصلان: احدهما يدل على خوف، والآخر يدل على دقة وخفة والراهب: واحد رهبان النصارى، المتعبد في الصومعة
    5 قوله تعالى: {تفيض}
    ((فيض)): الفاء، والباء، والضاد، أصل صحيح واحد يدل على جريان الشيء بسهولةقال الراغب: فاض الماء إذا سال منصبا، قال تعالى: {ترى أعينهم تفيض من الدمع}
    6 قوله تعالى: {الشاهدين}
    ((شهد)): الشين، والهاء، والدال، أصل يدل على حضور وعلم وأعلام، لا والشهيد: الشاهد، والجمع الشهداء والشهادة: خبر قاطع، أو هي قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصيرة أو بصير والشهيد: من أسماء الله الأمين في شهادته
    7 قوله تعالى: {ونطمع}
    ((طمع)): الطاء، والميم، والعين، أصل واحد صحيح يدل على رجاء في القلب قوي للشيء قال الراغب: الطمع نزوع النفس إلى الشيء شهوة له، ولا كان أكثر الطمع من اجل الهوى
    8 قوله تعالى: {فأثابهم}
    ((ثوب)): الثاء، والواو، والباء، قياس صحيح من أصل واحد، وهو العود والرجوع وقيل: الثواب ما يرجع إلى الإنسان من جزاء أعماله فيسمى الجزاء ثوابا تصورا انه هو هو والثواب يقال في الخير والشر، إلا انه بالخير أخص وأكثر استعمالا "
    ثم ذكر الدهان أسباب نزول الآية فذكر سببين فقال:
    "ثانيا/ سبب النزول:
    اخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن وعروة ابن الزبير قالوا: بعث رسول الله (ص)عمرا بن أمية الضمري وكتب معه كتابا إلى النجاشي، فقدم على النجاشي، فقرأ كتاب رسول الله (ص)، ثم دعا جعفر بن أبي طالب والمهاجرين معه، وأرسل إلى الرهبان والقسيسين فجمعهم، ثم أمر جعفر بن أبي طالب فقرأ عليهم سورة مريم فآمنوا بالقرآن، وفاضت أعينهم من الدمع، فهم الذين نزلت فيهم {ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين} وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: بعث النجاشي ثلاثين رجلا من خيار أصحابه إلى رسول الله (ص)، فقرأ عليهم سورة يس فبكوا، فنزلت فيهم الآية وأخرج النسائي عن عبد الله بن الزبير: قال نزلت هذه الآية في النجاشي وأصحابه {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع} وروى الطبراني عن ابن عباس نحوه ابسط منه "
    الروايتان متناقضتين فى التالى :
    أولا عدد المبعوثين ففى الأولى هو عمرو بن أمية وفى الثانية 30 رجل
    ثانيا السورة المقروءة فى الأولى سورة مريم وفى الثانية سورة يس
    والآيات متناقضة مع الروايات فهى تتحدث عن كثير من النصارى كما أن الروايات جعلت الحاكم مسلما ولا يوجد حاكم يؤمن برسالة لأن كل من يعادى الرسالة فى أولها وأخرها هم الحكام لكونهم من ألأغنياء كما قال تعالى " كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى"
    ثم تحدث عن المناسبة فقال:
    "ثالثا/ المناسبة"
    انه تعالى لما ذكر من أحوال أهل الكتاب من اليهود والنصارى ما ذكره، ذكر في هذه الآية ان اليهود في غاية العداوة مع المسلمين، ولذلك جعلهم قرناء للمشركين في شدة العداوة، بل نبه على أنهم اشد في العداوة من المشركين، من جهة انه قدم ذكرهم على ذكر المشركين، وذكر ان النصارى الين عريكة من اليهود، وأقرب إلى المسلمين منهم
    ثم ذكر القراءات المذكورة فى الآيات وهو كلام لا لزوم له لأن القراءات تضل الناس لاختلافها وجلبها معانى مختلفة والله لا يمكن أن يقول سوى معنى واحد فقال:
    رابعا/ القراءات
    1 قوله تعالى: {الناس} ، فقد قرأ الدوري بالإمالة
    2 قوله تعالى: {نصارى} ، فقد قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو وورش بالإمالة
    3 قوله تعالى: {ترى} ، فقد قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو وورش بالإمالة
    4 قوله تعالى: {ترى أعينهم} ، فقد قرأت (ترى أعينهم) على البناء للمفعول
    5 قوله تعالى: {جاءنا} ، فقد قرأ حمزة وابن ذكوان بالإمالة
    6 قوله تعالى: {وما جاءنا من الحق} ، فقد قرأ عبد الله بن مسعود (وما انزل علينا ربنا)
    7 قوله تعالى: {فأثابهم}، فقد قرأ الحسن (فآتاهم) وقرئت (فأتاهم)
    ثم ذكر ما سماه القضايا البلاغية وهو كلام لا يهم المسلم كالقراءات فى شىء فقال:
    "خامسا/ القضايا البلاغية:
    1 الطباق : وذلك في قوله تعالى: {عداوة} و {مودة}
    2 المبالغة : وذلك في قوله تعالى: {وأنهم لا يستكبرون} ، فإن السين والتاء فيه للمبالغة
    3 المبالغة أيضا: وذلك في قوله تعالى: {تفيض من الدمع} ،
    4 التعليل : وذلك في قوله تعالى: {مما عرفوا من الحق} ، أي سبب فيضها ما عرفوا عند سماع القرآن من انه الحق الموعود به
    5 التفريع: وذلك في قوله تعالى: {يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين}
    6 المجاز : وذلك في قوله تعالى: {فأثابهم الله بما قالوا} ، فإنه مجاز عن الرأي والاعتقاد والمذهب "
    ثم حدثنا عن الإعراب وهو كلام يضل الناس لاختلاف النحاة فيه فقال:
    "سادسا/ الإعراب:
    1 - قوله تعالى: {لتجدن} ، اللام لام القسم
    2 - قوله تعالى: {عداوة} منصوب على التميز، والعامل فيه اشد ومثله {مودة}
    3 - قوله تعالى: {للذين آمنوا} متعلق بالمصدر أو نعت له
    4 - قوله تعالى: {اليهود}، المفعول الثاني لتجد
    5 - قوله تعالى: {ذلك بأن منهم} (ذلك) مبتدأ، و (بأن منهم) الخبر
    6 - قوله تعالى:: {قسيسين} اسم أن
    7 - قوله تعالى: {وأنهم} في موضع خفض عطفا
    8 - قوله تعالى: {وإذا سمعوا} الواو هاهنا عطفت إذا على خبر أن، وهو قوله {لا يستكبرون}
    9 - قوله تعالى: {تفيض} ، في موضع نصب على الحال، وكذا {يقولون}
    10 - قوله تعالى: {وما لنا لا نؤمن بالله} ، (ما) في موضع رفع بالابتداء، و (لنا) الخبر، و (لا نؤمن) في موضع نصب على الحال "
    ثم انتهى للمطلوب فى أى كتاب يبحث عن الحق وهو المعنى فقال:
    "سابعا/ المعنى العام:
    لقد كانت هذه الأمة تتلقى هذا القرآن لتقرر - وفق توجيهاته وتقريراته- خطتها وحركتها، ولتتخذ وفق هذه التوجيهات والتقريرات، مواقفها من الناس جميعا فهذا الكتاب كان هو موجهها ومحركها ورائدها ومرشدها، ومن ثم كان تغلب ولا تغلب، لأنها تخوض معركتها مع أعدائها تحت القيادة الربانية المباشرة، مذ كان نبيها يقودها وفق الإرشادات الربانية العلوية، وهذه الإرشادات الربانية ما تزال، والتقريرات التي تضمنها ذلك الكتاب الكريم ما تزال، والذين يحملون دعوة الإسلام اليوم وغدا خليقون أن يتلقوا هذه التقريرات وتلك الإرشادات، كأنهم يخاطبون بها اللحظة، ليقرروا على ضوئها مواقفهم من شتى طوائف الناس، ومن شتى المذاهب والمعتقدات، ومن شتى الأوضاع والأنظمة، وشتى القيم والموازين اليوم وغدا وإلى آخر الزمان "
    وكل الفقرة السابقة لا علاقة لها بتفسير الآية ثم قال:
    "وهذا النص القرآني يتناول في طياته الحديث عن اليهود والنصارى والمشركين، ومواقفهم من الرسول (ص)، ومن الأمة المسلمة وفساد عقيدة اليهود والنصارى معا، وسوء طوية اليهود وسوء فعلهم، سواء مع أنبيائهم من قبل أو مع الرسول (ص)ونصرة المشركين عليه وهو فذلكة لحاصل ما تكنه ضمائر الفريقين نحو المسلمين ولان اليهود ظاهروا المشركين على المؤمنين والمؤمنون يؤمنون بموسى (ص)، والتوراة التي أتى بها، وكان ينبغي ان يكونوا إلى من وافقهم في الإيمان بنبيهم وكتابهم اقرب، فظاهروا المشركين حسدا للنبي (ص) وإذا تقرر هذا فإن الأمر الذي يلفت النظر في صياغة العبارة هو تقديم اليهود على الذين أشركوا في صدد أنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا، وإن شدة عداوتهم ظاهرة مكشوفة، وأمر مقرر يراه كل من يرى، ويجده كل من يتأمل إن العطف بالواو في التعبير العربي يفيد الجمع بين الأمرين، ولا يفيد تعقيبا ولا ترتيبا ولكن تقديم اليهود هنا، حيث يقوم الظن بأنهم اقل عداوة للذين آمنوا من المشركين، - بما أنهم أصلا أهل كتاب- يجعل لهذا التقديم شأنا خاصا غير المألوف من العطف بالواو في التعبير العربي! إنه - على الأقل- يوجه النظر إلى أن كونهم أهل كتاب لم يغير من الحقيقة الواقعة، وهي أنهم كالذين أشركوا أشد عداوة للذين آمنوا! ونقول: ان هذا على الأقل ولا ينفي هذا احتمال أن يكون المقصود هو تقديمهم في شدة العداء على الذين أشركوا وحين يستأنس الإنسان في تفسير هذا التقرير الرباني بالواقع التاريخي المشهود منذ مولد الإسلام حتى اللحظة الحاضرة، فإنه لا يتردد في تقرير ان عداء اليهود للذين آمنوا كان اشد وأقسى وأعمق إصرارا، وأطول أمدا من عداء الذين أشركوا، فإذا سمعنا الله يقول:: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا} ، فإننا ندرك طرفا من حكمة الله في تقديم اليهود على الذين أشركوا {والذين أشركوا} هم عبدة الأوثان، الذين اتخذوا الأوثان آلهة يعبدونها من دون الله ثم بعد ذلك تصور الآيات حالة، وتقرر حكما في هذه الحالة، فتصور حالة فريق من إتباع عيسى (ص)، قال تعالى: {ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى} ، أي الذين زعموا أنهم نصارى من إتباع المسيح، وعلى منهاج إنجيله، فيهم مودة للإسلام وأهله في الجملة، وما ذاك إلا لما في قلوبهم، إذ كانوا على دين المسيح (ص) من الرقة والرأفة {ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا} أي علماء وعباد أهل خشية وانقطاع إلى الله وعبادة، وان لم يكونوا على هدي، فهم يميلون إلى أهل العبادة والخشية {وأنهم لا يستكبرون} عن إتباع الحق والانقياد له، إذا فهمومه، أو إنهم يتواضعون ولا يتكبرون كاليهود "
    وقد ناقض الدهان نفسه بقوله" ويجده كل من يتأمل إن العطف بالواو في التعبير العربي يفيد الجمع بين الأمرين، ولا يفيد تعقيبا ولا ترتيبا" فهنا العطف لا يفيد تعقيبا ولا ترتيبا وهو ما يناقض "يجعل لهذا التقديم شأنا خاصا غير المألوف من العطف بالواو في التعبير العربي"
    ثم نقل التالى:
    "يقول صاحب التحرير والتنوير: (وإنما كان وجود القسيسين والرهبان بينهم سببا في اقتراب مودتهم من المؤمنين، لما هو معروف بين العرب من حسن أخلاق القسيس والرهبان، وتواضعهم وتسامحهم، وكانوا منتشرين في جهات كثيرة من بلاد العرب، يعمرون الأديرة والصوامع والبيع، وأكثرهم من عرب الشام، الذين بلغتهم دعوة النصرانية عن طريق الروم، فقد عرفهم العرب بالزهد ومسالمة الناس) ولا يقف السياق القرآني عند هذا الحد، ولا يدع الأمر مجهلا ومعمما على كل من قالوا إنا نصارى، إنما يمضي فيصور موقف هذه الفئة التي بعينها : {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين} ، ...ووصفهم الله برقة القلوب، وأنهم يبكون عند استماع القرآن، وتمتلئ أعينهم بالدمع حتى تفيض، لشدة خشيتهم ومسارعتهم إلى قبول الحق وعدم إبائهم إياه وهو المراد بقوله:: {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق} ومع كونهم أناسا متواضعين غير مستكبرين، ويتأثرون بفيوضات أنوار الآيات عند قراءتها عليهم {يقولون ربنا آمنا} ، بما أنزلته ومن أنزلت عليه {فاكتبنا مع الشاهدين} ، أي اجعلنا عندك من امة محمد (ص)الذين يشهدون يوم القيامة على تبليغ الرسل ما أمرت بتبليغه إليهم، أو اجعلنا ممن يشهدون على رسالة محمد (ص)، وحقية كتابك الذي أنزلته إليه " ثم قال ناقلا عن تفسير الظلال:
    "يقول سيد قطب: (فهذا مشهد حي يرتسم من التصوير القرآني لهذه الفئة من الناس، الذين هم اقرب مودة للذين آمنوا إنهم إذا سمعوا ما انزل إلى الرسول من هذا القرآن اهتزت مشاعرهم، ولانت قلوبهم، وفاضت أعينهم بالدمع تعبيرا عن التأثر العميق العنيف بالحق الذي سمعوه والذي لا يجدون له في أول الأمر كفاء من التعبير إلا الدمع الغزير) ثم هم لا يكتفون بهذا الفيض من الدمع، ..إنما هم يتقدمون ليتخذوا من هذا الحق موقفا ايجابيا صريحا موقف القبول لهذا الحق، والإيمان به، والإذعان لسلطانه، وإعلان هذا الإيمان وهذا الإذعان في لهجة قوية عميقة صريحة : {وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين} وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في هذه الآيات، أنهم إذا سمعوا ما أنزل إلى رسول الله (ص)من كتابه، آمنوا به، وصدقوا كتاب الله، وقالوا: ما لنا لا نقر بوحدانية الله، ...يقول صاحب الظلال: (لقد علم الله صدق قلوبهم وألسنتهم، وصدق عزيمتهم على المضي في الطريق، وصدق تصميمهم على أداء الشهادة لهذا الدين الجديد الذي دخلوا فيه، ولهذا الصف المسلم الذي اختاروه، واعتبارهم ان أداء هذه الشهادة - بكل تكاليفها في النفس والمال- منة يمن الله بها على من يشاء من عباده..)
    بقيت كلمة وهى أن كل ما نقله وقاله الدهان لم يشرخ فيه الدمع شرحا وافيا ثم قال:
    "ثامنا/ ما يستفاد من الآيات:
    1 - إن الأمر الذي يلفت النظر في صياغة هذا النص القرآني هو تقديم اليهود على الذين أشركوا في صدد أنهم اشد عداوة للذين آمنوا، وأن شدة عداوتهم ظاهرة مكشوفة، وأمر مقرر يراه كل من يرى، ويجده كل من يتأمل
    2 - ان عقيدة اليهود والنصارى التي انتهوا إليها هي الكفر، ...
    3 - ان اليهود والنصارى ليسوا على شيء من دين الله..
    4 - ان هذه الآيات في فحواها توجه الأمة المسلمة لتتولى الله والرسول والذين آمنوا، ولا تتولى اليهود والنصارى، فان بعضهم أولياء بعض..
    5 - إن التواضع والإقبال على العلم والعمل، والإعراض عن الشهوات محمود وإن كان من كافر"
    وهو كلام ذكر فى المعنى العام من قبل ثم حدثنا عن الآيات الثانية التى ذكر فيها الدمع فقال:
    "المطلب الثاني:
    الرغبة الصحيحة في الجهاد والألم الصادق للحرمان قال تعالى: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون}"
    ثم صنع مثل ما صنع فى الآيات الأولى من حيث نقل المعانى اللغوية للكلمة وقد قمت بحذقها لتكرارها أو عدم تحدثها عن معنى أو لتكرارها وقد قال:
    "أولا/ تحليل الألفاظ:
    1- قوله تعالى: {الضعفاء}
    ((ضعف)): الضاد، والعين، والفاء، أصلان متباينان، يدل احدهما على خلاف القوة، ويدل الآخر على ان يزاد الشيء مثله ضعف يضعف ضعفا ...
    2 - قوله تعالى: {حرج}
    الحاء، والراء، والجيم، أصل واحد، وهو معظم الباب واليه مرجع فروعه، وذلك تجمع الشيء وضيقه والحرج والحرج: الإثم والحارج: الآثم، ...
    3 - قوله تعالى: {نصحوا}
    ((نصح)): النون، والصاد، والحاء، أصل يدل على ملاءمة بين شيئين وإصلاح لهما والنصح نقيض الغش مشتق من نصحه وله نصحا ونصيحة ونصاحة ونصاحة ونصاحية ونصحا، وهو باللام أفصح، قال تعالى: {أنصح لكم} ، ويقال نصحت له نصيحتي نصوحا أي أخلصت وصدقت، ...
    4 - قوله تعالى: {سبيل}
    ((سبل)): السين، والباء، واللام، أصل واحد يدل على إرسال شيء من علو إلى سفل، وعلى امتداد شيء والسبيل: الطريق وما وضح منه، ...
    5 - قوله تعالى: {لتحملهم}
    ((حمل)): الحاء، والميم، واللام، أصل واحد يدل على إقلال الشيء ..قال الراغب: الحمل عنى واحد اعتبر في أشياء كثيرة، فسوي بين لفظه في فعل وفرق بين كثير منها في مصادرها
    6 - قوله تعالى: {حزنا}
    ((حزن)): الحاء، والزاء، والنون، أصل واحد، وهو خشونة الشيء وشدة فيه: فمن ذلك الحزن، وهو ما غلظ من الأرض، والحزن معروف، يقال: حزنني الشيء يحزنني، وقد قالوا: أحزنني وحزانتك: أهلك ومن تحزن له والحزن والحزن: نقيض الفرح، وهو خلاف السرور، ..."
    ثم استعرض سبب النزول فذكر روايتين فقال:
    "ثانيا/ سبب النزول:
    فأما قوله تعالى: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم} ، فقد اخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن ثابت قال: كنت اكتب لرسول الله (ص)، فكنت اكتب براءة، فاني لواضع القلم على إذني إذا أمرنا بالقتال، فجعل رسول الله (ص)ينظر ما ينزل عليه إذ جاءه أعمى، فقال: كيف بي يا رسول الله وأنا أعمى؟ فنزلت: هذه الآية وأما قوله تعالى: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون} ، فقد اخرج من طريق العوفي عن ابن عباس قال: أمر رسول الله (ص)الناس أن ينبعثوا غازين معه، فجاءت عصابة من أصحابه: فيهم عبد الله بن معقل المزني، فقالوا: يا رسول الله احملنا؟ فقال: والله لا أجد ما أحملكم عليه، فولوا ولهم بكاء، وعز عليهم ان يحبسوا عن الجهاد، ولا يجدون نفقة ولا محملا، فانزل الله - عز وجل - هذه الآية "
    والروايات متناقضة فالأولى تتحدث عن أعمى واحد بينما الثانية تتحدث عن جماعة
    ثم حدثنا عن مناسبة الآيات فقال:
    "ثالثا/ المناسبة:
    انه تعالى لما بين الوعيد في حق من يوهم العذر، مع أنه لا عذر له، ذكر أصحاب الأعذار الحقيقية، وبين أن تكليف الله تعالى بالغزو والجهاد عنهم ساقط، وهم أقسام:
    القسم الأول: الصحيح في بدنه، الضعيف مثل الشيوخ ومن خلق في أصل الفطرة ضعيفا نحيفا، وهؤلاء هم المرادون بالضعفاء والدليل عليه أنه عطف عليهم المرضى، والمعطوف مباين للمعطوف عليه، فما لم يحمل الضعفاء على الذين ذكرناهم، لم يتميزوا عن المرضى
    القسم الثاني: المرضى، ودخل فيه أصحاب العمى، والعرج، والزمانة، وكل من كان موصوفا بمرض يمنعه من التمكن من المحاربة
    والقسم الثالث: الذين لا يجدون الأهبة والزاد والراحلة، وهم الذين لا يجدون ما ينفقون، لان حضوره في الغزو إنما ينفع إذا قدر على الإنفاق على نفسه فلما ذكر الله تعالى الضعفاء والمرضى والفقراء، بين انه يجوز لهم التخلف عن الجهاد بشرط ان يكونوا ناصحين لله ورسوله، وبين كونهم، وأنه ليس لأحد عليهم سبيل، ذكر قسما رابعا من المعذورين ، {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون} "
    ثم حدثنا عن القراءات فقال:
    "رابعا/ القراءات:
    1 - قوله تعالى: {المرضى} ، فقد قرأ ...بالإمالة
    2 - قوله تعالى: {لله ورسوله} ، فقد قرأ أبو حيوة (الله ورسوله)
    3 - قوله تعالى: {لتحملهم} ، فقد قرأ معقل بن هارون (لنحملهم) "
    ثم تحدث عن القضايا البلاغية فقال:
    |خامسا/ القضايا البلاغية
    1 - التذييل : وذلك في قوله تعالى: {والله غفور رحيم}
    2 - عطف الخاص على العام ، وذلك في قوله تعالى: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم} إعتناء بشأنهم
    3 - المبالغة: وذلك في قوله تعالى: {وأعينهم تفيض من الدمع} ، لان العين جعلت كأنها كلها دمع فائض"
    ثم عن النحو فقال:
    "سادسا/ الإعراب:
    1 - قوله تعالى: {ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج} ، اسم ليس {ما على المحسنين من سبيل} ، في موضع رفع اسم (ما)
    2 - قوله تعالى: {وأعينهم تفيض من الدمع} ، الجملة في موضع نصب على الحال
    3 - قوله تعالى: {حزنا ألا يجدوا} ، (حزنا) مصدر، (ألا يجدوا) نصب بأن "
    وما سبق كما قلت لا يهم القارىء فى شىء فهو يريد معرفة الحكم أو المعنى المستفاد وليس شىء لا علاقة له بحياته فى الدنيا ثم حدثنا عن المعنى العام فقال:
    "سابعا/ المعنى العام:
    يتضمن هذا النص القرآني تقريرا لطبيعة البيعة الإسلامية مع الله على الجهاد في سبيله وطبيعة هذا الجهاد وحدوده، وواجب أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب، وانه لا يحل لهم أن يتخلفوا عنه، وما كان لهم ان يتخلفوا عن رسول الله، ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، وضرورة المفاضلة مع المشركين والمنافقين وهذه الآيات تحدد النبعة، فليس الخروج ضربة لازب على من يطيقون ومن لا يطيقون، والإسلام مع كل هذا وذاك دين اليسر و {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} فالذين عجزوا عن النفرة لا تثريب عليهم ولا مؤاخذة لهم، وان الله سبحانه لما استنفرهم لغزو الروم، ودعاهم إلى الخروج لغزوة تبوك بادر المخلصون، وتوقف المنافقون والمتثاقلون، وجعلوا يستأذنون رسول الله (ص)في التخلف، ويعتذرون إليه بأعذار منها كفر، كقول الحر بن قيس: ائذن لي ولا تفتني ببنات بني الأصفر، فإني لا أقدر على الصبر عنهن، فانزل الله تعالى: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين} ، ومنهم من قال: {لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون} ، وقال في أهل العذر الصحيح: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم} ، وهم الذين صدقوا في حالهم، وكشفوا عن عذرهم فقوله تعالى: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج} ، أصل في سقوط التكليف عن العاجز، فكل من عجز عن شيء سقط عنه، فتارة إلى بدل هو فعل، وتارة إلى بدل هو عزم، ولا فرق بين العجز من جهة القوة أو العجز من جهة المال، ونظير هذه الآية قوله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} وقوله: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج} وروي عن انس ان رسول الله (ص)قال: ((لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه، قالوا: يا رسول الله، وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: حبسهم العذر)) فبينت هذه الآية مع نظائرها انه لا حرج على المعذورين، وهم قوم عرف عذرهم كأرباب الزمانة والهرم والعمى والعرج، وأقوام لم يجدوا ما ينفقون، فقال: ليس على هؤلاء إثم {إذا نصحوا}، أي ليس عليهم إثم إذا نصحوا لله ولرسوله في مغيبهم عن الجهاد مع رسول الله (ص)، والنصح لله ولرسوله الإيمان بهما وطاعتهما في السر والعلن، وتوليهما والحب والبغض فيها، كما يفعل الموالي الناصح بصاحبه {ما على المحسنين من سبيل}، أي ليس على من أحسن، فنصح لله ورسوله في تخلفه عن رسول الله (ص)عن الجهاد معه، لعذر يعذر به طريق يتطرق عليه، فيعاقب من قبله {والله غفور رحيم} أي ساتر على ذنوب المحسنين، يتغمدها بعفوه لهم عنها، رحيم بهم ان يعاقب عليها، ومن مغفرته ان لم يؤاخذ أهل الأعذار بالقعود عن الجهاد، ومن رحمته ان لم يكلف أهل الأعذار بما يشق عليهم {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون} ، وهم البكاؤون أتوا رسول الله (ص)يسألونه الحملان ليبلغوا إلى مغزاهم بجهاد أعداء الله {قلت لا أجد ما أحملكم عليه}، أي: لا أجد حمولة أحملكم عليها {تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا}، أي: انصرفوا وأعينهم تسيل بالدمع من شدة الحزن {ألا يجدوا ما ينفقون}، أي: لأنهم لم يجدوا ما ينفقونه في مطالب الجهاد، ولا الرواحل التي يركبونها في حال سفرهم إلى تبوك فسموا البكائين "
    ثم كرر الرجل كلامه فيما يستفاد من ألآيات فقال:
    "ثامنا/ ما يستفاد من الآيات:
    1 - قبول عذر المعتذر بالحاجة والفقر عن التخلف في الجهاد إذا ظهر من حاله صدق الرغبة، مع دعوى المعجزة، كأفاضة العين، وتغيير الهيئة
    2 - لا يلزم الفقير الخروج في الغزو والجهاد تعويلا على النفقة من المسألة
    3 - ان من جملة الأمور الجارية مجرى الإعانة على الجهاد، للذين لا إثم عليهم، إذا أقاموا في البلد احترزوا عن إلقاء الأراجيف، وعن إثارة الفتن، وسعوا في إيصال الخير إلى المجاهدين فان ذلك يشبه فعل الموالي الناصح لله ورسوله"
    وتسويد كل هذه الصفحات فى آيات لا تستغرق سوى نصف صفحة هو إهدار كبير للوقت والورق والأحبار والجهد فكل ما يريده المسلم هو فهم المعنى وما يتبعه من أحكام وهى أحكام لا يمكن أن تزيد عن صفحة

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 25 نوفمبر 2024 - 19:55