قراءة فى كتاب الفرح في الميزان
المؤلف أحمد بن عبد العزيز بن إبراهيم المنصور وقد استهل الكتاب بذكر سبب تأليف الكتاب وهو فرح الناس أفراحا مخالفة لكتاب الله فقال :
"أما بعد: فلما رأيت وشاهدت بعض المسلمين الذين يحصل لهم ما يفرحهم ويقيمون المناسبات لذلك خارجين عن نطاق تعاليم ديننا الحنيف إلى إحداث أشياء تخالف شرع الله تعالى، ولعل سبب ذلك قلة معرفتهم بقيمة الفرح وكيفيته في ميزان الإسلام، أو أن نشوة الفرح تسبب لهم الغفلة وعدم الإدراك
فلما رأيت ذلك عقدت العزم على أن أسطر هذه الرسالة المختصرة وأن أقدمها لإخواني المسلمين بعنوان: [الفرح في الميزان] تذكرة لمن أراد أن يذكر حيث يقول الله جل وعلا: { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } "
وقد استهل الكتاب بتعريف الفرح لغويا فقال :
"تعريف الفرح
الفرح: نقيض الحزن، والفرح هو: السرور الذي يكون في مقابلة الحزن والكآبة، والفرح لذة في القلب يجدها الإنسان بسبب الحصول على أمر محبوب، وانشراح في الصدر عند بلوغ مقصد مطلوب أنسا بما يسر، وهو الذي يترجم عنه بالابتسامة حينا أو بأسارير الوجه حينا آخر، ولربما غلبت العاطفة نفس الفرح فكان من فرط ما قد سره أبكاه"
وبالقطع الفرح له معانى مخالفة للمعنى اللغوى فى كتاب الله ومعظم ما فى كتاب الله يعنى الفرح فيه الكفر والفساد
ونقلنا المنصور إلى بطون الكتب فنقل عن ابن القيم كلاما عن بكاء الفرح فقال :
"ولقد ذكر ابن القيم أن من أنواع البكاء بكاء الفرح كما حصل لأبي بكر الصديق لما أذن له المصطفى (ص)بالهجرة معه، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله (ص): «إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة قالت: فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله، فقال: الصحبة قالت: فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح، حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ
وكما حصل لأبي بن كعب عندما أخبره النبي (ص)أن الله عز وجل أمره أن يقرأ عليه سورة البينة، فعن أنس بن مالك قال: قال النبي (ص)لأبي: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب } » قال: وسماني؟ قال: «نعم»، فبكى رواه البخاري"
وكان المفترض أن يقوم المنصور بذكر أنواع الفرح أو مظاهره فبكاء الفرح يدخل ضمن مظاهر الفرح التى يكون منها الابتسام والتهليل والقفز وما شابه ذلك
ورواية تسمية مالك للقراءة عليه هى ضرب من الخبل خاصة أن السورة وحتى المصحف كله ليس فيه اسم من المؤمنين غير اسم زيد كما أن القرآن يبلغ للكل وليس لشخص معين كما قال تعالى :
"بلغ ما أنزل إليك من ربك"
وتحدث عن لذة الفرح ناقلا الكلام عن ابن القيم فقال:
"يقول الإمام ابن القيم: (والفرح لذة تقع في القلب بادراك المحبوب، ونيل المشتهى؛ فيتولد من إدراكه حالة تسمى الفرح والسرور، كما أن الحزن والغم من فقد المحبوب، فإذا فقده تولد من فقده حالة تسمى الحزن والغم، والفرح أعلى أنواع نعيم القلب ولذته وبهجته، والفرح والسرور نعيمه، والهم والحزن عذابه، والفرح بالشيء فوق الرضا به، فإن الرضا طمأنينة وسكون وانشراح، والفرح لذة وبهجة وسرور فكل فرح راض وليس كل راض فرحا، ولهذا كان الفرح ضد الحزن، والرضا ضد السخط) "
والفرح هنا مجرد وصف لمظاهر الفرح وتفرقة بين الرضا والفرح وحاول المنصور أن يجعل الفرح من صفات الرب فقال :
"والفرح صفة من صفات الله جل وعلا تليق بجلاله سبحانه وهي في منتهى الكمال { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } ولهذا يوصف الله تعالى بأعلى أنواعه وأكملها كفرحه بتوبة التائب أعظم من فرحة الواجد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في الأرض المهلكة بعد فقده لها واليأس من حصولها
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص): «لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح» رواه مسلم"
وهذا الكلام لو أخذناه على ظاهره فهو اتهام لله تعالى بأن يشبه مخلوقاته فى الفرح وهو ما يخالف أنه لا يشبههم كما قال :
" ليس كمثله شىء"
فالله هو المفرج بمعنى خالق الفرح وفرحه لو فسرناه ظاهريا لابد أن يكون بمعنى أن يرضى عن عباده وليس انشراح الصدر وظهور مظاهر الفرح عليه فهذا نقص لا يليق بكمال الله
وتحدث عن نتائج الفرج والحزن فقال :
"والله عز وجل بقسطه وعدله جعل دوام الفرح والسرور في الرضا واليقين وفعل الطاعات والقربات، وجعل الغم والحزن في السخط والشك وارتكاب المنكرات والمخالفات، وإن كان في بداية فعلها يجد اللذة والفرح فإنه يعقبها ندم وحسرات
يقول إبراهيم بن أدهم: (لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من ذليل العيش لجالدونا عليه بالسيوف)
وقال ابن القيم: (ثمرة الرضا الفرح والسرور بالرب تبارك وتعالى) وقال: (والفرح والسرور واللذة من نعيم الجنة أظهرها الله في هذه الدار عبرة ودلالة، وقدر ظهورها بأسباب توجبها) "
وكلام ابن القيم كله هو كلام مخالف لكتاب الله فالفرح فى كتاب الله مرتبط فى الغالب بالكفر والفساد
وتحدث عن أنواع الفرح وهو مجالاته فقال :
"مجالات الفرح
مجالات الفرح كثيرة، منها ما هو محمود، ومنها ما هو مذموم، والإسلام يوجه المسلمين في كل حين إلى أن يفرحوا بما يحمد ويشكر من الأمور والأعمال الظاهرة والباطنة، وينهاهم عن أن يفرحوا بزخرف الدنيا ومتاع الحياة الزائل أو يفرحوا فرح الاعتزاز أو الافتخار الكاذب قال تعالى: { وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع }وقال تعالى: { ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون }
الفرح المحمود:
والفرح إنما يكون محمودا حينما يكون في مقابل نعمة التوفيق لطاعة من الطاعات أو قربة من القربات، كما قال تعالى: { فرحين بما آتاهم الله من فضله } وقال تعالى: { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "أي: بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق فليفرحوا؛ فإنه أولى ما يفرحون به، { هو خير مما يجمعون } أي: من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة لا محالة
وعن أبي بن كعب قال: قال لي رسول الله (ص): «يا أبي أمرت أن أقرأ عليك سورة كذا وكذا»، قال: قلت: يا رسول الله، وقد ذكرت هناك؟ قال: «نعم» فقلت له: يا أبا المنذر ففرحت بذلك قال: وما يمعني والله تبارك وتعالى يقول: { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون } رواه الإمام أحمد"
والحديث باطل كحديث سورة البينة فالله لا يبلغ الوحى لواحد وإنما الوحى للكل
وتحدث عن الفرح بفضل الله فقال :
"يقول الإمام ابن القيم في كتابه «طريق الهجرتين»: (فالفرح بفضل الله ورحمته تبع للفرح به سبحانه، فالمؤمن يفرح بربه أعظم من فرح كل أحد بما يفرح به: من حبيب أو حياة، أو مال، أو نعمة، أو ملك، ففرح المؤمن بربه أعظم من هذا كله، ولا ينال القلب حقيقة الحياة حتى يجد طعم هذه الفرحة والبهجة، فيظهر سرورها في قلبه ونضرتها في وجهه، فيصير له حال من حال أهل الجنة حيث لقاهم الله نضرة وسرورا فلمثل هذا فليعمل العاملون، { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } فهذا هو العلم الذي شمر إليه أولو الهمم والعزائم، واستبق إليه أصحاب الخصائص والمكارم
تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
ويقول أيضا: (الفرح بالله والسرور به من أعظم مقامات الإيمان، فالمؤمن يفرح بربه إذ هو عبده وأحبه، ويفرح به سبحانه ربا وإلها ومنعما ومربيا أشد من فرح العبد بسيده المخلوق المشفق عليه القادر على ما يريده العبد ويطلبه منه، المتنوع في الإحسان إليه والذب عنه)
ويقول أيضا رحمه الله تعالى: (فالفرح بالله وبرسوله وبالإيمان والسنة وبالعلم وبالقرآن من أعلى مقامات العارفين قال الله تعالى: { وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون } وقال تعالى: { والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك }
ويقول ابن القيم في «مدارج السالكين»: (فالفرح بالعلم والإيمان والسنة دليل على تعظيمه عند صاحبه ومحبته له وإيثاره له على غيره فإن فرح العبد بالشيء عند حصوله له على قدر محبته له ورغبته فيه، فمن ليس له رغبة في الشيء لا يفرحه حصوله له ولا يحزنه فواته فالفرح تابع للمحبة والرغبة)
ومن صور الفرح المحمود: فرح الصائم بفطره وبلقاء ربه فعن (أبي هريرة) يقول: قال رسول الله (ص): «وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح يصومه» رواه البخاري ومسلم
وفرح المسلم بعيد الفطر فرح مشروع؛ حيث وفقه مولاه أن أدرك شهر رمضان فصامه وقامه ووفقه لإتمامه، فهو يفرح بيوم العيد لينال أجر رمضان، لا للتخلص من رمضان
ومن صور الفرح المحمود: الفرح بتعلم كتاب الله تعالى وحفظه والإكثار من تلاوته، قال الله تعالى: { والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مآب }
ومن صور الفرح المحمود: فرح المسلم بانتصار المسلمين والمجاهدين على أعدائهم وانتصار الحق وزهوق الباطل كما قال تعالى: { ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم } "
وبعد أن تحدث عن الفرح المحمود تحدث عن المذموم فقال :
"الفرح المذموم:
ولقد ذم الله سبحانه الفرح في مواطن، كقوله: { لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين } وكقوله تعالى: { وإذا أذقنا الناس رحمة } أي: خصبا ونعمة وسعة وعافية { فرحوا بها } فرح بطر وأشر، لا فرح شكر بها وابتهاج بوصولها إليهم، وقال تعالى: { لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور }
وقال تعالى: { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون }
وقال تعالى: { ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور * إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير }
فالفرح المذموم هو الذي يورث الأشر والبطر، وهو ما كان ناتجا عن الغفلة والخواء وقد ذكر بعض المفسرين لقوله تعالى: { من شر الوسواس الخناس } أن الشيطان الوسواس ينفث في قلب ابن آدم عند الحزن وعند الفرح فإذا ذكر الله خنس
ومن صور الفرح المذموم: فرح المرء بالعمل وإظهاره للناس والتسميع والمراءاة به، فعن سلمة، قال: سمعت جندبا يقول: قال النبي (ص): «من سمع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به» متفق عليه
وأخطر من ذلك حينما يفرح المرء بما لم يفعل من باب الرياء والتكثر يقول الله تعالى: { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم }
ومن صور الفرح المذموم: فرح المرء بتقصيره في طاعة الله، أو تخلفه عن ركب الصلاح، والاستقامة، وقعوده عن دعوة الداعي وأمر الآمر ونهي الناهي، كما قال تعالى عن المنافقين: { فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون * فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون }
ومن صور الفرح المذموم: الفرح بالمعصية عندما يغويه الشيطان على ارتكاب معصية من المعاصي من بذخ وإسراف، أو إحداث غناء وطرب محرم، أو ما إلى ذلك مما حرمه الله تعالى، يأنس بها ويبذل في الحصول عليها الكثير من ماله ووقته مما يدل على شدة الرغبة فيها والجهل بقدر من عصاه، والجهل بسوء عاقبتها وعظم خطرها
ومما لا شك فيه أن هذا لم يصدر إلا عند ضعف الإيمان واستحواذ الشيطان؛ إذ إن المؤمن لا تتم له لذة بمعصية أبدا ولا يكمل بها فرحه، بل لا يباشرها إلا والحزن مخالط قلبه، ولكن سكر الشهوة يحجبه عن الشعور به، ومتى خلا قلبه من هذا الحزن واشتدت غبطته وسروره فليتهم إيمانه وليبك على موت قلبه، فإنه لو كان حيا لأحزنه ارتكابه للذنب، وغاظه وصعب عليه، ولا يحس القلب بذلك فحيث لم يحس به فما لجرح بميت إيلام)
ومن صور الفرح المذموم: فرح الإنسان بمناسباته المحبوبة إليه من زواج، أو حصول مولود، أو تفوق علمي أو وظيفي، أو مناسبة عيد وما إلى ذلك عندما يصاحبه إسراف وتبذير، أو اختلاط الرجال بالنساء، أو ارتكاب لشيء من المحرمات كالغناء والطبول، أو ترك شيء من الطاعات من صلاة وغيرها، أو ما يحدث عند كثير من الشباب أثناء فوز فريق رياضي يصل عند بعضهم إلى حد السباب والشتم أو الاعتداء على الآخرين أو على أموالهم ومحارمهم، بل قد تصل نشوة الفرح إلى حد الإغماء وكل ذلك يحصل بسبب البعد عن شرع الله واتباع الهوى والنفس والشيطان نسأل الله السلامة والعافية
روى عبد الرزاق في مصنفه عن الحسن قال: (صوتان فاجران فاحشان – قال: حسبته قال: - ملعونان، صوت عند نعمة، وصوت عند مصيبة، فأما الصوت عند المصيبة فخمش الوجوه، وشق الجيوب، ونتف الأشعار، ورنة شيطان، وأما الصوت عند النعمة فلهو وباطل، ومزمار شيطان)"
وحدثنا عن الإسراف فى الفرح وأنه مذموم فقال:
"إذ ليس من شأن المسلم أن يكون مفراحا إلى درجة أن يرتكب ما حرم الله عليه أو أن يقع في الإسراف، فما من شيء من أمور الدنيا إلا والإسراف يشينه كما أن الاعتدال يزينه إلا عمل الخير؛ ولذلك قيل: (لا خير في الإسراف، ولا إسراف في الخير)
فالإسراف في الفرح سواء كان في الأعراس أو غيرها مدعاة للخروج عن المقصود بل ربما أدى إلى الوقوع فيما لا يرضي الله من معاص ومنكرات قد تحول هذا الفرح إلى ترح لا سمح الله، وكم سمعنا من مآس حصلت لبعض أولئك الذين عملوا بمعصية الله في أفراحهم ومناسباتهم من طلاق وفراق للزوجين، أو ديون وهموم، أو شجار ونزاع وغير ذلك
ومما لا شك فيه أن فرح الدنيا لا يسلم من ترح سابق أو مقارن أو لاحق يجعل الفرح كطيف خيال زار الصب في المنام ثم انقضى المنان وولى الطيف وأعقب مزاره الهجران، وقيل في الحكمة: (أمر ما في أحزان يومنا ذكرى أفراح أمسنا)
والشخص المكثر من الفرح بإفراط مما هو من متاع الدنيا وزخرفها هو المعنى بمثل قوله تعالى { إن الله لا يحب الفرحين }
وقد ذم الإسلام الفرح بالمعصية والمجاهرة بها والافتخار في نشرها أو السرور بالألقاب والمدائح لفاعليها، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله (ص)يقول: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول، يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه» رواه البخاري"
كما تحدث عن الفرح لفرح الآخرين فقال :
"الفرح للآخرين:
ومما أمر به ديننا الحنيف أن لا يقصر المسلم فرحته على نفسه أو أقربائه وأصدقائه، بل يفرح المؤمن لجميع إخوانه في العقيدة، يفرح لهم عند حصول أحدهم على ما يسره، ويحزنه ما يحزنهم، وهذا هو خلق المسلم كما جاء في حديث أبي موسى عن النبي (ص)قال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه» متفق عليه
وليحذر الحسد فإن الحسد لا يأتي بخير فقد حذر منه الرسول (ص)فعن أبي هريرة أن النبي (ص)قال: «إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو قال العشب» رواه أبو داود
والحسد ينافي الفرح؛ فالحاسد دائما مهموم مغموم كلما علم أن أحدا نال خيرا زاد غمه وهمه، والحسد خصلة من خصال إبليس – أعاذنا الله منه – حيث حسد آدم وامتنع من السجود له"
والأحاديث التى استشهد بها المنصور فى الفقرة السابقة لا يوجد واحد فيها يتحدث عن الفرح للآخرين وإنما هى فى الحسد والمساعدة ومن ثم لا تصلح للاستشهاد بها كأدلة فى الموضوع
ثم تحدث عن موقف المسلم من الفرح فقال :
"موقف المسلم من الفرح
للمسلم أن يبتهج ويفرح إذا نال نعمة خاصة، أو حقق أمنية خالية من شوائب الحظوظ العاجلة في دينه ودنياه، وعليه أن يعمر فرحته بذكر ربه الذي أتم عليه نعمته ورزقه من الطيبات وهيأ له كثيرا من أسباب البهجة والسرور كما قال تعالى: { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون }
قال بعض الحكماء: (ما فرح أحد بغير الله إلا بغفلته عن الله) فالغافل يفرح بلهوه وهواه والعاقل يفرح بمولاه
فالمسلم يجب أن يكون موقفه في حالة فرحه وسروره وكذلك في حالة غمه وحزنه موقف العبد الشاكر الصابر يشكر النعماء، ويصبر ويحتسب عند البلوى
* إذا فالواجب على العبد حالة فرحه بنعمة من نعم الله تعالى ما يلي:
1- الاعتراف بأنها من عند الله تعالى ومنة ومنحة منه جل وعلا كما قال تعالى: { وما بكم من نعمة فمن الله }
2- شكر المنعم باللسان والأعمال كما قال تعالى: { وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد }
3- استخدامها فيما يرضي الله تعالى من الطاعات والقربات، والحذر من الوقوع في المخالفات أو استخدامها في معصية الله تعالى
4- الإكثار من ذكر الله تعالى وقول ما ورد
* وأما موقفه حالة غمه وحزنه عند حدوث مصيبة فيجب أن يكون كما يلي:
1- الاعتراف بأن ما أصابه هو من عند نفسه كما قال تعالى: { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير }
2- التسليم لله تعالى والرضا بما أصابه، وحمد الله على ذلك حتى ينال الأجر والثواب، ويرتاح قلبه ويطمئن باله، جاء عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله (ص)قال: «إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد» رواه الترمذي
3- الإكثار من ذكر الله تعالى وقول ما ورد"
والرجل هنا جمع بين الفرح والحزن ليظهر التضاد بينهما مع أن الكل مطلوب فيه الالتزام بأحكام الله
وحدثنا عن أذكار الفرح فقال :
"* بعض الأذكار التي ينبغي للمسلم العمل بها عندما يحصل له أو لغيره ما يفرحه:
يستحب لمن تجدد له نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة، أو بشر بما يسره أن يحمد الله تعالى ويثني عليه بما هو أهله، وأن يسجد شكرا لله تعالى جاء في صحيح البخاري عن عمرو بن ميمون، أن عمر بن الخطاب لما طعن أرسل ابنه عبد الله إلى عائشة أم المؤمنين فقال له: قل يقرأ عليك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين؛ فإني لست اليوم للمؤمنين أميرا، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه فقالت: كنت أريده لنفسي ولأوثرن به اليوم على نفسي، فلما أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء، قال: ارفعوني فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك؟ قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين، أذنت قال: الحمد لله ما كان من شيء أهم إلي من ذلك)
وعن عائشة قالت: (كان رسول الله (ص)إذا رأى ما يحب قال: «الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات»، وإذا رأى ما يكره قال: «الحمد لله على كل حال» رواه ابن ماجه
وعن عائشة رضي الله عنها حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله منه قالت: قال لي رسول الله (ص): «يا عائشة، احمدي الله فقد براك الله» رواه البخاري
وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله (ص): «والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة» قال: فحمدنا الله وكبرنا رواه البخاري ومسلم
ويجب عندما يرى العبد من أخيه نعمة أن يذكر الله تعالى ويدعو له كما أرشد إلى ذلك الرسول (ص)فعن عبد الله بن عامر قال: قال رسول الله (ص): «إذا رأى أحدكم من أخيه أو من نفسه أو من ماله ما يعجبه فليبركه، فإن العين حق» رواه الإمام أحمد، وفي رواية ابن ماجه: «إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة»
وعن أبي هريرة أن النبي (ص)كان إذا رفأ الإنسان أي إذا تزوج قال: «بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير» رواه الإمام أحمد وغيره
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله (ص)(كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم أي (يدعو لهم بالبركة) رواه مسلم وغيره
ويستحب للزوج إذا دخلت عليه امرأته ليلة الزفاف أن يسمي الله تعالى ويأخذ بناصيتها أول ما يلقاها، ويقول: (بارك الله لكل واحد منا في صاحبه)
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي (ص): قال: «إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه، وإذا اشترى بعيرا فليأخذ بذورة سنامه وليقل مثل ذلك» قال أبو داود: زاد أبو سعيد: «ثم ليأخذ بناصيتها وليدع بالبركة في المرأة والخادم»
ويستحب التهنئة بالمولود له، فعن الحسين أنه علم إنسانا التهنئة فقال: قل: (بارك الله لك في الموهوب لك، وشكرت الواهب، وبلغ أشده ورزقت بره)
ويستحب أن يرد على المهنئ فيقول: (بارك الله بك، وبارك عليك، أو جزاك الله خيرا، ورزقك الله مثله، أو أجزل الله ثوابك)، ونحو هذا"
وهذا الكلام بغض النظر عن صحة الأحاديث من بطلانها ليس ذكرا وإنما هو كلام فى التهنئات وأدعية وحمد النعم وما شابه
وتحدث فى نهاية الكتاب عن واجبات المسلم فى الفرح فقال :
"الخاتمة
وبعد – أخي المسلم – احرص دائما على أن تكون أفراحك أفراحا محمودة متمشية مع تعاليم الإسلام، وأن تكون أثناء الفرح متأدبا بآداب الإسلام، وألا يخرجك الفرح عن طاعة الله إلى معصيته، ولو بلغ العبد من الطاعة ما بلغ فلا ينبغي له أن يفارقه هذا الحذر من مكر الله تعالى، بل عليه أن يلازمه دائما وأبدا، فمتى كان ملازما له سلم وإلا كان الهلاك، فالفرح متى كان بالله وبما من الله به وملتزما فيه صاحبه ما يرضي الله تعالى، وكان الخوف من مكر الله مقارنا له كان فرحا نافعا، ومتى خلا من الحذر ضر وأفسد، كما قال تعالى { أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون }]
وما أخذ الله تعالى قوما إلا عند سكرتهم وغفلتهم يقول تعالى: { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال } ويقول تعالى: { ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم }
وعن عقبة بن عامر عن النبي (ص)قال: «إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج» ثم تلا رسول الله (ص): { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون } رواه الإمام أحمد"
المؤلف أحمد بن عبد العزيز بن إبراهيم المنصور وقد استهل الكتاب بذكر سبب تأليف الكتاب وهو فرح الناس أفراحا مخالفة لكتاب الله فقال :
"أما بعد: فلما رأيت وشاهدت بعض المسلمين الذين يحصل لهم ما يفرحهم ويقيمون المناسبات لذلك خارجين عن نطاق تعاليم ديننا الحنيف إلى إحداث أشياء تخالف شرع الله تعالى، ولعل سبب ذلك قلة معرفتهم بقيمة الفرح وكيفيته في ميزان الإسلام، أو أن نشوة الفرح تسبب لهم الغفلة وعدم الإدراك
فلما رأيت ذلك عقدت العزم على أن أسطر هذه الرسالة المختصرة وأن أقدمها لإخواني المسلمين بعنوان: [الفرح في الميزان] تذكرة لمن أراد أن يذكر حيث يقول الله جل وعلا: { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } "
وقد استهل الكتاب بتعريف الفرح لغويا فقال :
"تعريف الفرح
الفرح: نقيض الحزن، والفرح هو: السرور الذي يكون في مقابلة الحزن والكآبة، والفرح لذة في القلب يجدها الإنسان بسبب الحصول على أمر محبوب، وانشراح في الصدر عند بلوغ مقصد مطلوب أنسا بما يسر، وهو الذي يترجم عنه بالابتسامة حينا أو بأسارير الوجه حينا آخر، ولربما غلبت العاطفة نفس الفرح فكان من فرط ما قد سره أبكاه"
وبالقطع الفرح له معانى مخالفة للمعنى اللغوى فى كتاب الله ومعظم ما فى كتاب الله يعنى الفرح فيه الكفر والفساد
ونقلنا المنصور إلى بطون الكتب فنقل عن ابن القيم كلاما عن بكاء الفرح فقال :
"ولقد ذكر ابن القيم أن من أنواع البكاء بكاء الفرح كما حصل لأبي بكر الصديق لما أذن له المصطفى (ص)بالهجرة معه، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله (ص): «إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة قالت: فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله، فقال: الصحبة قالت: فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح، حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ
وكما حصل لأبي بن كعب عندما أخبره النبي (ص)أن الله عز وجل أمره أن يقرأ عليه سورة البينة، فعن أنس بن مالك قال: قال النبي (ص)لأبي: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب } » قال: وسماني؟ قال: «نعم»، فبكى رواه البخاري"
وكان المفترض أن يقوم المنصور بذكر أنواع الفرح أو مظاهره فبكاء الفرح يدخل ضمن مظاهر الفرح التى يكون منها الابتسام والتهليل والقفز وما شابه ذلك
ورواية تسمية مالك للقراءة عليه هى ضرب من الخبل خاصة أن السورة وحتى المصحف كله ليس فيه اسم من المؤمنين غير اسم زيد كما أن القرآن يبلغ للكل وليس لشخص معين كما قال تعالى :
"بلغ ما أنزل إليك من ربك"
وتحدث عن لذة الفرح ناقلا الكلام عن ابن القيم فقال:
"يقول الإمام ابن القيم: (والفرح لذة تقع في القلب بادراك المحبوب، ونيل المشتهى؛ فيتولد من إدراكه حالة تسمى الفرح والسرور، كما أن الحزن والغم من فقد المحبوب، فإذا فقده تولد من فقده حالة تسمى الحزن والغم، والفرح أعلى أنواع نعيم القلب ولذته وبهجته، والفرح والسرور نعيمه، والهم والحزن عذابه، والفرح بالشيء فوق الرضا به، فإن الرضا طمأنينة وسكون وانشراح، والفرح لذة وبهجة وسرور فكل فرح راض وليس كل راض فرحا، ولهذا كان الفرح ضد الحزن، والرضا ضد السخط) "
والفرح هنا مجرد وصف لمظاهر الفرح وتفرقة بين الرضا والفرح وحاول المنصور أن يجعل الفرح من صفات الرب فقال :
"والفرح صفة من صفات الله جل وعلا تليق بجلاله سبحانه وهي في منتهى الكمال { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } ولهذا يوصف الله تعالى بأعلى أنواعه وأكملها كفرحه بتوبة التائب أعظم من فرحة الواجد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في الأرض المهلكة بعد فقده لها واليأس من حصولها
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص): «لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح» رواه مسلم"
وهذا الكلام لو أخذناه على ظاهره فهو اتهام لله تعالى بأن يشبه مخلوقاته فى الفرح وهو ما يخالف أنه لا يشبههم كما قال :
" ليس كمثله شىء"
فالله هو المفرج بمعنى خالق الفرح وفرحه لو فسرناه ظاهريا لابد أن يكون بمعنى أن يرضى عن عباده وليس انشراح الصدر وظهور مظاهر الفرح عليه فهذا نقص لا يليق بكمال الله
وتحدث عن نتائج الفرج والحزن فقال :
"والله عز وجل بقسطه وعدله جعل دوام الفرح والسرور في الرضا واليقين وفعل الطاعات والقربات، وجعل الغم والحزن في السخط والشك وارتكاب المنكرات والمخالفات، وإن كان في بداية فعلها يجد اللذة والفرح فإنه يعقبها ندم وحسرات
يقول إبراهيم بن أدهم: (لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من ذليل العيش لجالدونا عليه بالسيوف)
وقال ابن القيم: (ثمرة الرضا الفرح والسرور بالرب تبارك وتعالى) وقال: (والفرح والسرور واللذة من نعيم الجنة أظهرها الله في هذه الدار عبرة ودلالة، وقدر ظهورها بأسباب توجبها) "
وكلام ابن القيم كله هو كلام مخالف لكتاب الله فالفرح فى كتاب الله مرتبط فى الغالب بالكفر والفساد
وتحدث عن أنواع الفرح وهو مجالاته فقال :
"مجالات الفرح
مجالات الفرح كثيرة، منها ما هو محمود، ومنها ما هو مذموم، والإسلام يوجه المسلمين في كل حين إلى أن يفرحوا بما يحمد ويشكر من الأمور والأعمال الظاهرة والباطنة، وينهاهم عن أن يفرحوا بزخرف الدنيا ومتاع الحياة الزائل أو يفرحوا فرح الاعتزاز أو الافتخار الكاذب قال تعالى: { وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع }وقال تعالى: { ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون }
الفرح المحمود:
والفرح إنما يكون محمودا حينما يكون في مقابل نعمة التوفيق لطاعة من الطاعات أو قربة من القربات، كما قال تعالى: { فرحين بما آتاهم الله من فضله } وقال تعالى: { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "أي: بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق فليفرحوا؛ فإنه أولى ما يفرحون به، { هو خير مما يجمعون } أي: من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة لا محالة
وعن أبي بن كعب قال: قال لي رسول الله (ص): «يا أبي أمرت أن أقرأ عليك سورة كذا وكذا»، قال: قلت: يا رسول الله، وقد ذكرت هناك؟ قال: «نعم» فقلت له: يا أبا المنذر ففرحت بذلك قال: وما يمعني والله تبارك وتعالى يقول: { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون } رواه الإمام أحمد"
والحديث باطل كحديث سورة البينة فالله لا يبلغ الوحى لواحد وإنما الوحى للكل
وتحدث عن الفرح بفضل الله فقال :
"يقول الإمام ابن القيم في كتابه «طريق الهجرتين»: (فالفرح بفضل الله ورحمته تبع للفرح به سبحانه، فالمؤمن يفرح بربه أعظم من فرح كل أحد بما يفرح به: من حبيب أو حياة، أو مال، أو نعمة، أو ملك، ففرح المؤمن بربه أعظم من هذا كله، ولا ينال القلب حقيقة الحياة حتى يجد طعم هذه الفرحة والبهجة، فيظهر سرورها في قلبه ونضرتها في وجهه، فيصير له حال من حال أهل الجنة حيث لقاهم الله نضرة وسرورا فلمثل هذا فليعمل العاملون، { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } فهذا هو العلم الذي شمر إليه أولو الهمم والعزائم، واستبق إليه أصحاب الخصائص والمكارم
تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
ويقول أيضا: (الفرح بالله والسرور به من أعظم مقامات الإيمان، فالمؤمن يفرح بربه إذ هو عبده وأحبه، ويفرح به سبحانه ربا وإلها ومنعما ومربيا أشد من فرح العبد بسيده المخلوق المشفق عليه القادر على ما يريده العبد ويطلبه منه، المتنوع في الإحسان إليه والذب عنه)
ويقول أيضا رحمه الله تعالى: (فالفرح بالله وبرسوله وبالإيمان والسنة وبالعلم وبالقرآن من أعلى مقامات العارفين قال الله تعالى: { وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون } وقال تعالى: { والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك }
ويقول ابن القيم في «مدارج السالكين»: (فالفرح بالعلم والإيمان والسنة دليل على تعظيمه عند صاحبه ومحبته له وإيثاره له على غيره فإن فرح العبد بالشيء عند حصوله له على قدر محبته له ورغبته فيه، فمن ليس له رغبة في الشيء لا يفرحه حصوله له ولا يحزنه فواته فالفرح تابع للمحبة والرغبة)
ومن صور الفرح المحمود: فرح الصائم بفطره وبلقاء ربه فعن (أبي هريرة) يقول: قال رسول الله (ص): «وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح يصومه» رواه البخاري ومسلم
وفرح المسلم بعيد الفطر فرح مشروع؛ حيث وفقه مولاه أن أدرك شهر رمضان فصامه وقامه ووفقه لإتمامه، فهو يفرح بيوم العيد لينال أجر رمضان، لا للتخلص من رمضان
ومن صور الفرح المحمود: الفرح بتعلم كتاب الله تعالى وحفظه والإكثار من تلاوته، قال الله تعالى: { والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مآب }
ومن صور الفرح المحمود: فرح المسلم بانتصار المسلمين والمجاهدين على أعدائهم وانتصار الحق وزهوق الباطل كما قال تعالى: { ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم } "
وبعد أن تحدث عن الفرح المحمود تحدث عن المذموم فقال :
"الفرح المذموم:
ولقد ذم الله سبحانه الفرح في مواطن، كقوله: { لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين } وكقوله تعالى: { وإذا أذقنا الناس رحمة } أي: خصبا ونعمة وسعة وعافية { فرحوا بها } فرح بطر وأشر، لا فرح شكر بها وابتهاج بوصولها إليهم، وقال تعالى: { لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور }
وقال تعالى: { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون }
وقال تعالى: { ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور * إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير }
فالفرح المذموم هو الذي يورث الأشر والبطر، وهو ما كان ناتجا عن الغفلة والخواء وقد ذكر بعض المفسرين لقوله تعالى: { من شر الوسواس الخناس } أن الشيطان الوسواس ينفث في قلب ابن آدم عند الحزن وعند الفرح فإذا ذكر الله خنس
ومن صور الفرح المذموم: فرح المرء بالعمل وإظهاره للناس والتسميع والمراءاة به، فعن سلمة، قال: سمعت جندبا يقول: قال النبي (ص): «من سمع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به» متفق عليه
وأخطر من ذلك حينما يفرح المرء بما لم يفعل من باب الرياء والتكثر يقول الله تعالى: { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم }
ومن صور الفرح المذموم: فرح المرء بتقصيره في طاعة الله، أو تخلفه عن ركب الصلاح، والاستقامة، وقعوده عن دعوة الداعي وأمر الآمر ونهي الناهي، كما قال تعالى عن المنافقين: { فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون * فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون }
ومن صور الفرح المذموم: الفرح بالمعصية عندما يغويه الشيطان على ارتكاب معصية من المعاصي من بذخ وإسراف، أو إحداث غناء وطرب محرم، أو ما إلى ذلك مما حرمه الله تعالى، يأنس بها ويبذل في الحصول عليها الكثير من ماله ووقته مما يدل على شدة الرغبة فيها والجهل بقدر من عصاه، والجهل بسوء عاقبتها وعظم خطرها
ومما لا شك فيه أن هذا لم يصدر إلا عند ضعف الإيمان واستحواذ الشيطان؛ إذ إن المؤمن لا تتم له لذة بمعصية أبدا ولا يكمل بها فرحه، بل لا يباشرها إلا والحزن مخالط قلبه، ولكن سكر الشهوة يحجبه عن الشعور به، ومتى خلا قلبه من هذا الحزن واشتدت غبطته وسروره فليتهم إيمانه وليبك على موت قلبه، فإنه لو كان حيا لأحزنه ارتكابه للذنب، وغاظه وصعب عليه، ولا يحس القلب بذلك فحيث لم يحس به فما لجرح بميت إيلام)
ومن صور الفرح المذموم: فرح الإنسان بمناسباته المحبوبة إليه من زواج، أو حصول مولود، أو تفوق علمي أو وظيفي، أو مناسبة عيد وما إلى ذلك عندما يصاحبه إسراف وتبذير، أو اختلاط الرجال بالنساء، أو ارتكاب لشيء من المحرمات كالغناء والطبول، أو ترك شيء من الطاعات من صلاة وغيرها، أو ما يحدث عند كثير من الشباب أثناء فوز فريق رياضي يصل عند بعضهم إلى حد السباب والشتم أو الاعتداء على الآخرين أو على أموالهم ومحارمهم، بل قد تصل نشوة الفرح إلى حد الإغماء وكل ذلك يحصل بسبب البعد عن شرع الله واتباع الهوى والنفس والشيطان نسأل الله السلامة والعافية
روى عبد الرزاق في مصنفه عن الحسن قال: (صوتان فاجران فاحشان – قال: حسبته قال: - ملعونان، صوت عند نعمة، وصوت عند مصيبة، فأما الصوت عند المصيبة فخمش الوجوه، وشق الجيوب، ونتف الأشعار، ورنة شيطان، وأما الصوت عند النعمة فلهو وباطل، ومزمار شيطان)"
وحدثنا عن الإسراف فى الفرح وأنه مذموم فقال:
"إذ ليس من شأن المسلم أن يكون مفراحا إلى درجة أن يرتكب ما حرم الله عليه أو أن يقع في الإسراف، فما من شيء من أمور الدنيا إلا والإسراف يشينه كما أن الاعتدال يزينه إلا عمل الخير؛ ولذلك قيل: (لا خير في الإسراف، ولا إسراف في الخير)
فالإسراف في الفرح سواء كان في الأعراس أو غيرها مدعاة للخروج عن المقصود بل ربما أدى إلى الوقوع فيما لا يرضي الله من معاص ومنكرات قد تحول هذا الفرح إلى ترح لا سمح الله، وكم سمعنا من مآس حصلت لبعض أولئك الذين عملوا بمعصية الله في أفراحهم ومناسباتهم من طلاق وفراق للزوجين، أو ديون وهموم، أو شجار ونزاع وغير ذلك
ومما لا شك فيه أن فرح الدنيا لا يسلم من ترح سابق أو مقارن أو لاحق يجعل الفرح كطيف خيال زار الصب في المنام ثم انقضى المنان وولى الطيف وأعقب مزاره الهجران، وقيل في الحكمة: (أمر ما في أحزان يومنا ذكرى أفراح أمسنا)
والشخص المكثر من الفرح بإفراط مما هو من متاع الدنيا وزخرفها هو المعنى بمثل قوله تعالى { إن الله لا يحب الفرحين }
وقد ذم الإسلام الفرح بالمعصية والمجاهرة بها والافتخار في نشرها أو السرور بالألقاب والمدائح لفاعليها، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله (ص)يقول: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول، يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه» رواه البخاري"
كما تحدث عن الفرح لفرح الآخرين فقال :
"الفرح للآخرين:
ومما أمر به ديننا الحنيف أن لا يقصر المسلم فرحته على نفسه أو أقربائه وأصدقائه، بل يفرح المؤمن لجميع إخوانه في العقيدة، يفرح لهم عند حصول أحدهم على ما يسره، ويحزنه ما يحزنهم، وهذا هو خلق المسلم كما جاء في حديث أبي موسى عن النبي (ص)قال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه» متفق عليه
وليحذر الحسد فإن الحسد لا يأتي بخير فقد حذر منه الرسول (ص)فعن أبي هريرة أن النبي (ص)قال: «إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو قال العشب» رواه أبو داود
والحسد ينافي الفرح؛ فالحاسد دائما مهموم مغموم كلما علم أن أحدا نال خيرا زاد غمه وهمه، والحسد خصلة من خصال إبليس – أعاذنا الله منه – حيث حسد آدم وامتنع من السجود له"
والأحاديث التى استشهد بها المنصور فى الفقرة السابقة لا يوجد واحد فيها يتحدث عن الفرح للآخرين وإنما هى فى الحسد والمساعدة ومن ثم لا تصلح للاستشهاد بها كأدلة فى الموضوع
ثم تحدث عن موقف المسلم من الفرح فقال :
"موقف المسلم من الفرح
للمسلم أن يبتهج ويفرح إذا نال نعمة خاصة، أو حقق أمنية خالية من شوائب الحظوظ العاجلة في دينه ودنياه، وعليه أن يعمر فرحته بذكر ربه الذي أتم عليه نعمته ورزقه من الطيبات وهيأ له كثيرا من أسباب البهجة والسرور كما قال تعالى: { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون }
قال بعض الحكماء: (ما فرح أحد بغير الله إلا بغفلته عن الله) فالغافل يفرح بلهوه وهواه والعاقل يفرح بمولاه
فالمسلم يجب أن يكون موقفه في حالة فرحه وسروره وكذلك في حالة غمه وحزنه موقف العبد الشاكر الصابر يشكر النعماء، ويصبر ويحتسب عند البلوى
* إذا فالواجب على العبد حالة فرحه بنعمة من نعم الله تعالى ما يلي:
1- الاعتراف بأنها من عند الله تعالى ومنة ومنحة منه جل وعلا كما قال تعالى: { وما بكم من نعمة فمن الله }
2- شكر المنعم باللسان والأعمال كما قال تعالى: { وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد }
3- استخدامها فيما يرضي الله تعالى من الطاعات والقربات، والحذر من الوقوع في المخالفات أو استخدامها في معصية الله تعالى
4- الإكثار من ذكر الله تعالى وقول ما ورد
* وأما موقفه حالة غمه وحزنه عند حدوث مصيبة فيجب أن يكون كما يلي:
1- الاعتراف بأن ما أصابه هو من عند نفسه كما قال تعالى: { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير }
2- التسليم لله تعالى والرضا بما أصابه، وحمد الله على ذلك حتى ينال الأجر والثواب، ويرتاح قلبه ويطمئن باله، جاء عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله (ص)قال: «إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد» رواه الترمذي
3- الإكثار من ذكر الله تعالى وقول ما ورد"
والرجل هنا جمع بين الفرح والحزن ليظهر التضاد بينهما مع أن الكل مطلوب فيه الالتزام بأحكام الله
وحدثنا عن أذكار الفرح فقال :
"* بعض الأذكار التي ينبغي للمسلم العمل بها عندما يحصل له أو لغيره ما يفرحه:
يستحب لمن تجدد له نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة، أو بشر بما يسره أن يحمد الله تعالى ويثني عليه بما هو أهله، وأن يسجد شكرا لله تعالى جاء في صحيح البخاري عن عمرو بن ميمون، أن عمر بن الخطاب لما طعن أرسل ابنه عبد الله إلى عائشة أم المؤمنين فقال له: قل يقرأ عليك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين؛ فإني لست اليوم للمؤمنين أميرا، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه فقالت: كنت أريده لنفسي ولأوثرن به اليوم على نفسي، فلما أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء، قال: ارفعوني فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك؟ قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين، أذنت قال: الحمد لله ما كان من شيء أهم إلي من ذلك)
وعن عائشة قالت: (كان رسول الله (ص)إذا رأى ما يحب قال: «الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات»، وإذا رأى ما يكره قال: «الحمد لله على كل حال» رواه ابن ماجه
وعن عائشة رضي الله عنها حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله منه قالت: قال لي رسول الله (ص): «يا عائشة، احمدي الله فقد براك الله» رواه البخاري
وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله (ص): «والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة» قال: فحمدنا الله وكبرنا رواه البخاري ومسلم
ويجب عندما يرى العبد من أخيه نعمة أن يذكر الله تعالى ويدعو له كما أرشد إلى ذلك الرسول (ص)فعن عبد الله بن عامر قال: قال رسول الله (ص): «إذا رأى أحدكم من أخيه أو من نفسه أو من ماله ما يعجبه فليبركه، فإن العين حق» رواه الإمام أحمد، وفي رواية ابن ماجه: «إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة»
وعن أبي هريرة أن النبي (ص)كان إذا رفأ الإنسان أي إذا تزوج قال: «بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير» رواه الإمام أحمد وغيره
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله (ص)(كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم أي (يدعو لهم بالبركة) رواه مسلم وغيره
ويستحب للزوج إذا دخلت عليه امرأته ليلة الزفاف أن يسمي الله تعالى ويأخذ بناصيتها أول ما يلقاها، ويقول: (بارك الله لكل واحد منا في صاحبه)
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي (ص): قال: «إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه، وإذا اشترى بعيرا فليأخذ بذورة سنامه وليقل مثل ذلك» قال أبو داود: زاد أبو سعيد: «ثم ليأخذ بناصيتها وليدع بالبركة في المرأة والخادم»
ويستحب التهنئة بالمولود له، فعن الحسين أنه علم إنسانا التهنئة فقال: قل: (بارك الله لك في الموهوب لك، وشكرت الواهب، وبلغ أشده ورزقت بره)
ويستحب أن يرد على المهنئ فيقول: (بارك الله بك، وبارك عليك، أو جزاك الله خيرا، ورزقك الله مثله، أو أجزل الله ثوابك)، ونحو هذا"
وهذا الكلام بغض النظر عن صحة الأحاديث من بطلانها ليس ذكرا وإنما هو كلام فى التهنئات وأدعية وحمد النعم وما شابه
وتحدث فى نهاية الكتاب عن واجبات المسلم فى الفرح فقال :
"الخاتمة
وبعد – أخي المسلم – احرص دائما على أن تكون أفراحك أفراحا محمودة متمشية مع تعاليم الإسلام، وأن تكون أثناء الفرح متأدبا بآداب الإسلام، وألا يخرجك الفرح عن طاعة الله إلى معصيته، ولو بلغ العبد من الطاعة ما بلغ فلا ينبغي له أن يفارقه هذا الحذر من مكر الله تعالى، بل عليه أن يلازمه دائما وأبدا، فمتى كان ملازما له سلم وإلا كان الهلاك، فالفرح متى كان بالله وبما من الله به وملتزما فيه صاحبه ما يرضي الله تعالى، وكان الخوف من مكر الله مقارنا له كان فرحا نافعا، ومتى خلا من الحذر ضر وأفسد، كما قال تعالى { أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون }]
وما أخذ الله تعالى قوما إلا عند سكرتهم وغفلتهم يقول تعالى: { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال } ويقول تعالى: { ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم }
وعن عقبة بن عامر عن النبي (ص)قال: «إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج» ثم تلا رسول الله (ص): { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون } رواه الإمام أحمد"